الأهرام
فهمى السيد
بفهم - أيها الزمن القاهري الجميل .. نسألك الرجوع
من عاش في ثلاثينيات القرن الفائت ومن أعزه الله بأن يولد في اربعينياته،ومن لحق بخمسينياته ياله من محظوظ ،ومن ركب قطار ستينياته،أسعدهم الحظ جميعا بان عاشوا السنوات الاربعين وهي الاجمل والاروع في القرن العشرين،الاجمل في قيم العصر وادابه وفنونه وأزهره وسياسييه وأدبائه وقرائه وروائييه وسيناريسته ورياضييه وشبابه وجامعييه وفنانيه ومسرحييه وشيوخه واطفاله وفتياته ونسائه،الاجمل في مدرسيه واطبائه ومهندسيه وأصحاب المهن الحرة وحرفييه،الاروع في جمال شوارعه وميادينه نظافة ونظاما والتزاما وسلوكا.
نبدأ بما هو خير وهو القران الجميل الذي أبدع في قراءته وتلاوته وتجويده عظماء منتصف القرن العشرين زمن الملك وما أدراك ما الملك قارئ الملوك والسرايات وباشوات القرن مصطفي اسماعيل وما أروعه من قارئ عندما يتلوا يسري قرآنه في الاوردة والشرايين ليغذي الروح والافئدة، وموسيقار القراء محمد رفعت طبيب القران ، والحصري وما أدراك ما الحصري والاداء الحنجري القوي والصلب لعبد الباسط والمنشاوي وشعيشع ومعهم كتيبة من أفضل قراء مصر والمشرق العربي كافة ولن يجود الزمان بمثلهم.
ومن القران إلي الازهربمشيخته وجامعته الازهر الذي صدر العلم والدين الوسطي الي العالم أجمع بقاراته الثلاث ببعثاته التي أسهمت ليس في تعليم الشعوب فقط بل في انتشار الاسلام وايصال رسالة نبي الله عليه الصلاة والسلام لمن لم تصله،هو وعلماؤه ومبعوثوه من حملوا مشعل الهداية والتثقيف والتنوير لكن أين الازهر الان مما نقول؟.
أما عن سياسيي العصر الذهبي فسنحدث ولا حرج أيناك يا مصطفي كامل يا قائل ولدتنا امهاتنا أحرارا ولن نستعبد بعد اليوم ، وأين محمد فريد وسعد زغلول ذلك الوفدي الشجاع الذي تحمل الكثير مما لا يتحمله بشر ومعه نساء مصر اللاتي خرجن في مظاهرات عارمة حاشدة ينادين سعد سعد تحيا مصر،يحيا الهلال مع الصليب في زمن الوحدة الوطنية الحقيقية الخالية من الشعارات والتقاط الصور ، الزمن الذي كان يأكل فيه المصري في طبق واحد مسيحي ومسلم حيث يراق دمهما دفاعا عن تراب مصر النفيس وتروي بدمائهما ارض الوطن،زمن ناصر وما أدراك من ناصر،ناصر نصير الفقراء وحبيب الملايين ناصر العروبي موحد كلمة العرب علي كلمة سواء، ناصر قاهر الاستعمار وطارد الانجليز وملكهم ،ناصرمحرر الشعوب ومذل الحبابرة، باني سدنا ومؤمم قناتنا ،ناصر كزعيم وكاريزما وكسياسي وانسان يحتاج الي الاف المقالات ولن نستطع أن نوفيه حقه الذي عبرت عنه جنازته والصورة أبلغ معبر عن ذلك.
وعن القوة الناعمة والفن الاصيل والطرب الراقي فمن أين نبدأ وماذا نقول عن كوكب الشرق اسطورة الغناء العربي أم كلثوم التي غنت لمصر وبمصر وللعرب والعروبة ،ام كلثوم التي احترمت الكلمة فاحترمتها الكلمات وشدت لكبار وعظماء الشعراء المصريين والعرب،وعندليب الشرق عبد الحليم الذي تعلم الحب والرومانسية علي يديه كل من عاصروه واستمعوا اليه ،تعلموا من خلال أغانيه معني الحب الطاهر العفيف بعيدا عن الاسفاف ولغة الجسد وكلام الشوارع الذي نعيش فيه الان،زمن صوت مصر شادية الطرب التي تغنت في حب مصر وحركت في وجدان الشباب معني الوطنية وحب الأوطان، والصوت الماسي لنجاة قيثارة الغناء ومطرب الاجيال عبد الوهاب وسيد درويش وسيد مكاوي وكارم محمود ومحمد فوزي وغيرهم ما أحلاك يا زمن الطرب الأصيل.
فاتن حمامة تلك الحمامة الجميلة التي تربعت علي عرش التمثيل المصري لسنوات ومازلت بفنها الراقي الذي كان يخاطب الوجدان ويناقش قضايا المرأة دون ابتذال أو إسفاف وهي كالزهرة ذات الرائحة التي نهل منها الجميع وتذوق من عبقها دون أن يلمسها أحد، والراقية عذراء الشاشة الام المصرية الاصيلة امينة رزق وزينات صدقي بارتجالها العفوي الجميل زمن يوسف وهبي والمبدع الخلوق عبد المنعم مدبولي والرائع محمود المليجي، وفتوة الشاشة فريد شوقي في زمن الفتوات الجميل الذين يحمون اولاد حارتهم بعظمة دون تجن او ظلم أوبلطجة فتوات ابو العلا والحسينية والباطنية، أين عبد المنعم ابراهيم بخفة ظله ونجيب الريحاني بادائه المحترم ومدرسة الاداء الراقي شكري سرحان والقصري وتوفيق الدقن وعماد حمدي الخ من عظماء الفن الذين أحبوا الفن لذاته وأخلصوا له فأعطاعهم أفضل شيئ وهو حب الناس الذي مازال يحصدونه حتي اليوم وهم في التراب.
طه حسين ويحي حقي والعقاد والسباعي ونجيب محفوظ ويوسف ادريس وحسنين هيكل ادباء منتصف القرن العشرين وكتابه كثيرون يعجز القلم عن احصائهم لكن تشابهوا جميعا في لغة الكتابة الادبية الراقية وإن اختلفت ايديولوجية كل منهم واسلوبه وطريقته لكن كلماتهم لا يشق لها غبار، وأني لنا تقييم هؤلاء لكن ونحن نسرد عظم الزمن الجميل وأخلاقياته الرفيعة لا ننسي أن نشير الي زمن الكلمة وعطائها المؤثر فيمن عاصروا هؤلاء العظماء، زمن طه اسماعيل والفناجيلي والظيظوي والخطيب، كم أنت عظيمة يامصر بسياسييك وكتابك وفنانيكي ومطربيكي وقرائك وادبائك وفتواتك ونسائك واطفالك ،كم أنت رائعة بشبابك وفتياتك ،كم أنت قديرة بمسلميكي ومسيحييكي .
كم كنت رائعة ياقاهرة بنيلك وأشجارك وهدوئك ،كم أنت جميلة بترامك وحنطورك وحشتينا يامصر الزمن الجميل وأتوسلك اليك أن ترجعي وتعودي إلينا بهذا الزمن الذي افتقدناه وتبكي عيوننا وتتألم قلوبنا حسرة علي زمنك الجميل.
فيأيها الزمن الجميل نسألك الرجوع .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف