وضعوا قنبلة داخل المسجد لتحصد أرواح المصلين، ووقفوا فى الخارج يتصيدون الناجين بطلقاتهم الغادرة.. وانتظروا دقائق أخرى للاعتداء على سيارات الإسعاف التى هرعت لإنقاذ أرواح المصابين! أى تنظيم يدعى الإسلام هذا.. الذى يرسل عناصره «الإرهابية» لقتل مصلين داخل المسجد، وأى إمام هذا الذى أفتى لهم بالوضوء بالدم وترك الصلاة فى يوم الجمعة؟
عشرات الأسئلة تلح على النفس والعقل بعد كل هجوم إرهابى خسيس منسوب إلى ما يسمى تنظيم داعش، لكن السؤال الأهم من وجهة نظرى هو: لماذا زادت هجمات هؤلاء البرابرة فى السنوات الأخيرة على المساجد والكنائس، وتفننوا فى قتل المصلين وإزهاق أرواحهم فيما لم توجه طلقة واحد منهم إلى كنيس أو معبد يهودى؟
من هم هؤلاء المتأسلمون الذين يفجرون عبوة قرب المسجد النبوى خلال شهر رمضان، ويفجرون مساجد فى العراق وسوريا واليمن ونيجيريا ومالى ومصر، ويقتلون من يؤدون الصلاة بداخلها، ثم يفجرون الكنائس فى تلك البلدان، أى يقتلون أصحاب الجمع والآحاد ويبقون أصحاب السبت آمنين، ليبقى المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين، رهينة تحت أيديهم، يحفرون تحته الأنفاق إيذانًا بهدمه، دون أن يتحرك هؤلاء الذين يحملون كل أدوات القتل والتدمير لنصرته، والذين يدعون كذبا وبهتانا أنهم يسعون لإقامة دولة الخلافة، فيجدون من ضعاف العقول من يتعاطف معهم ولو سرًا، أو من يتغاضى عن الإبلاغ عن جرائمهم أو يتستر على مجرميهم تعاطفا وليس خوفا.
هذا السؤال يتردد بقوة منذ انطلاق ما سمى بالربيع العربى، والذى حول عالمنا العربى إلى كتل من اللهب والانفجارات، فرأينا دولا عربية تنهار وأخرى تتمزق وبقيت إسرائيل وحدها واحة للأمن والأمان؟ بل تستقبل إرهابيين من جبهة النصرة للعلاج فى مستشفياتها.. وعندما تسألهم: لِمَ لا توجهون رصاصتكم تجاه من يحتلون بيت المقدس؟ تأتيك الإجابة الصادمة، وهى أن تحرير فلسطين ليس من «أولويات الجهاد المقدس»، كما قال قيادى فى «داعش» ومتحدث باسم التنظيم يدعى نضال النصيرى، عن أى جهاد إذن يتحدثون؟ وأى خلافة تلك التى يسعون إليها؟ هل هى خلافة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أم خلافة الشيطان؟.
ولن أكشف سرًا إذا قلت إن فكرة إنشاء «داعش» تهدف إلى تنفيذ أحدث مخطط غربى ضد العرب بأيدٍ عربية وتحت عنوان إسلامى، وهو أن يتم تدمير وتقسيم الدول العربية القائمة، أى أن يقوم العرب والمسلمون بتنفيذ مخطط قد لا تكون أمريكا أو إسرائيل قادرتين عليه أو راغبتين فى تنفيذه مباشرة وبنفسيهما.
والمستفيد الوحيد من «كذبة داعش» التاريخية هو من صنعها ومن أمدها بالسلاح والمخططات، وجعل مجموعة من فئران الصحراء تخوض معارك فى خمس وست جبهات فى وقت واحد، فرأيناهم يحاربون فى سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وفى مالى ونيجيريا، وهو شىء يعجز الجيش الأمريكى النظامى عنه.. حتى لو قيل إنها حرب عصابات وليست حربًا تقليدية، فحتى حرب العصابات تحتاج سلاحًا وفهمًا لطبيعة مسرح العمليات وتكتيكات فى الهجوم والمراوغة، ودعمًا لوجستيًا أو إمدادًا وتموينًا، وهذا يحتاج ميزانيات جبارة.
إذا سلمنا بهذه الحقائق عن كذبة داعش، فعلينا أن نتأكد أنها حرب حقيقية ضد مصر، من الذين يقفون وراء فئران الإرهاب الداعشية، لأنها الدولة الوحيدة التى صمدت ضد مؤامرة التقسيم، بل نجحت بقيادتها فى تخطى أزماتها الاقتصادية والسياسية، وأصبحت تمتلك الجيش الأقوى عربيًا والعاشر عالميًا، وتنفذ برنامجا للإصلاح الاقتصادى يحظى بتأييد واحترام من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى.
هجوم مسجد الروضة ببئر العبد، هو هجوم يائس على هدف سهل بهدف تحقيق «فرقعات» إعلامية، بعدما غاب الزخم عن التنظيم الإرهابى البائس، الذى يتلقى الضربات الموجعة فى غرب مصر وشرقها.. وهو محاولة يائسة ممن يخططون ويدعمون الدواعش- وهى أجهزة مخابرات لدول كبرى- لرد الاعتبار إلى أنفسهم ولكرامتهم بعد هذه الهزائم المتتالية من المصريين، فمن الصعب عليهم أن يعترفوا بالهزيمة القاسية بعد كل ما دفعوه، وكل ما بذلوه.
وإلى أن يعترفوا بهزيمتهم ويقوموا بطى هذه الصفحة السوداء من إرهاب الدول الكبرى، أطالب إعلامنا بألا يصب كل هجومه على الدواعش، فهم مجرد فئران ضالة أو أدوات فى أيدى دول كبرى وأجهزة مخابراتها.. هاجموا من يقفون وراء داعش.. هاجموا المؤامرة على عالمنا العربى وعلى مصر.. هاجموا الذين يحاولون رسم سايكس بيكو جديدة بطريقة أكثر دموية. هاجموا الرعاة الحقيقيين للإرهاب والذين يحتلون مقاعد دائمة فى مجلس الأمن.. الذين يوجهون رصاص الدواعش إلى صدور المسلمين والمسيحيين فى العالم العربى، لكنهم يحمون إسرائيل بكل ما يملكون من قوة ومن إجرام.