منى حلمى
إشباع الموهبة.. أم إشباع معدة الزوج؟
إحدى قريباتى تتمتع بصوت عذب، دافئ، متمكن، يسحر القلوب، له شخصية مميزة. المشكلة أن «خطيبها» يرفض أن تصبح خطيبته، أو زوجته، مطربة.
هددها قائلا: «أنا أو الغُنا.. لو ركبتى دماغك ما فيش جواز». والأسرة لم تنصف الابنة، وانضمت إلى جبهة الخطيب، دون مناقشة.
«يعنى إيه لو ركبتى دماغك»؟. هل الإصرار على الحلم، وإشباع الموهبة، وتحقيق الذات، اسمه «ركوب دماغ»؟. لغة، فى منتهى التدنى، وقمة «الاستهزاء»، بطموح خطيبته، التى من المفروض أن تساويه، فى الإنسانية، وفى الحقوق.
الفتاة، أو المرأة، لا «تشترط»، على خطيبها، أو على زوجها، أن يترك العمل، أو ينسى موهبته، ليتفرغ لها، ولخدمة البيت، والأطفال.
الرجل يصبح زوجا وأبا دون أن يتوقف عن كونه عاملا، أو مبدعا. إن تكوين الرجل لأسرة ليس معناه أن يتخلى عن طموحه المهنى، أو يتنازل عن موهبته، فى أى مجال. بل إن الرجل يتزوج أساسا، لأنه يريد امرأة، تحقق له الاستقرار، والهدوء، والمناخ الملائم، للتحقق والتألق.
العالم ممتلئ بالزوجات، والأمهات. لكن النساء، اللائى يتمتعن بموهبة فنية، عملة نادرة. الحياة تعطينا المواهب، لكى نصقلها، ونمارسها. وليس لكى نتنازل عنها، من أجل خدمة الرجال.
ما المشكلة مع خطيب قريبتى؟ هل يشعر بأن رجولته قد خدشت؟ أى رجولة هذه، التى تشترط قتل الموهبة، وإحباط وإتعاس المرأة؟ هل يخاف أن يصبح لزوجته عالمها الخاص، من الاهتمامات، والشهرة، وتحقيق الذات؟. وبالتالى، لن يستطيع ممارسة الهيمنة الذكورية المريضة عليها؟.
الناس يتساءلون فى دهشة تصل إلى حد الاتهام: كيف لا يظهر من جنس النساء، النابغات، والعبقريات، الموهوبات، مثلما يحدث الأمر بين جنس الرجال؟.. فى مجتمعاتنا يتساءلون: لماذا لم تظهر «أم كلثوم» أخرى؟.
بالتأكيد، هناك المئات من الفتيات والنساء، فى المدن والأرياف، اللائى لديهن موهبة «أم كلثوم»، أو أكثر، لكنهن مستسلمات للخبيز والعجين والطبيخ. لا تستطيع الواحدة منهن الجهر بموهبتها وطموحها. تحبس حلمها، فى القلب، حتى تُزف إلى التراب.
خطيب قريبتى عنده فلوس، وشقة.. يرتدى أحدث الأزياء.. فى جيوبه ثلاثة تليفونات محمولة.. يصفف شعره على الموضة.. وعضو فى أرقى الأندية الرياضية «عريس كامل من مجاميعه»، «عريس لُقطة»، كما تقول والدة قريبتى. لكن شيئا واحدا، ينقصه.. الإحساس بالإنسانية، والعدالة.
من بستان قصائدى
«الندم» على شىء فعلناه..
أهون ألف مرة..
من «الندم» على شىء لم نفعله.