الجمهورية
علاء معتمد
فكر الخوارج .. من الفتنة الكبري الي داعش والقاعدة
ماحدث في مسجد الروضة لم يكن يتصوره الكثيرون.. فهم لم يتخيلوا يوما ان يسمح مسلم لنفسه بأن ينتهك حرمة بيت الله. وان يقتل مسلمين ساجدين راكعين بهذه الصورة البشعة ليسقط 305 من الشهداء وتغطي الدماء مواطئ سجودهم .. لكن البعض الاخر كان يتوقع ماحدث. ولم يكن الامر بالنسبة له مفاجئا. خاصة بعد ان أفصح عنه أحد أئمة الارهابيين ونشرته إحدي مجلاتهم التي تنشر فكرهم الفاسد في بداية يناير الماضي. حين قال ان هؤلاء الصوفيين الموجودين بقرية الروضة كفرة وان تصوفهم بدعة وانهم يستحقون القتل.
هذه الجريمة توقعها الذين يتابعون الجرائم البشعة التي ارتكبها الخوارج منذ وقوع الفتنة الكبري. في نهاية عهد الخلفاء الراشدين. فهم الذين سمحوا لأنفسهم بتكفير واستباحة دماء كل من يختلف معهم في الفكر أوالعقيدة. فقتلوا سيدنا علي بن ابي طالب وهو يصلي في محرابه. ومن قبلها قتلوا سيدنا عثمان بن عفان وهو يقرأ في مصحفه. وهم من بقروا بطن الصحابي الجليل خباب بن الارت. والان وصلنا الي خوارج هذا العصر "داعش" و"القاعدة" الذين ساروا علي نفس النهج فقتلوا وذبحوا وحرقوا كل من خالف فكرهم. مسلما كان أو مسيحيا. وهدموا المساجد في العراق وسوريا وباكستان. وفجروا الكنائس في مصر.
وهذه الجريمة توقعها المتابعون لهزيمة داعش والقاعدة في العراق وسوريا. وخروج نحو 45 ألفاً من اتباعهم يحملون فكرهم وسلاحهم متوجهين الي منطقة اخري ينشرون فيها هذا الفكر الفاسد ويوجهون سلاحهم لأهالي تلك الدولة. ويحاولون تجنيد المزيد من شبابها لينضموا لصفوفهم.
إذا فهؤلاء يحملون فكرا قبل ان يحملوا سلاحا. ويتتلمذون علي ايدي فقهاء يفتون لهم بإباحة فعلهم. قبل أن يتدربوا علي كيفية استخدام هذا السلاح.. لذلك فإن كل محاولات مواجهة هؤلاء الخوارج بالسلاح لن تفلح إن لم يسبقها مواجهة فكرهم بفكر مضاد. ولن يتمكن الجيش والشرطة وحدهما من القضاء علي هؤلاء الارهابيين إن لم نتكاتف جميعا وأن يقوم كل منا بدوره ويتحمل مسئوليته. وأن نبدأ من المدرسة باعداد طفل سليم العقل يتعلم سماحة الاديان وقبول الآخر وحرية العقيدة التي نص الله تعالي عليها في القرآن الكريم حين أمر نبيه محمد صلي الله عليه وسلم أن يقلپ للكافرين "لكم دينكم ولي دين". وقال "ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وجعل سبحانه حساب المؤمن والكافر يوم القيامة.
مواجهة هؤلاء الخوارج تتطلب من العلماء في الازهر الشريف وفي الكنيسة وفيپوزارة الاوقاف بذل مزيد من الجهد في استيعاب الشباب. وفي تبني خطاب ديني واع. خال من الكراهية والتعصب. وفي عقد ندوات مكثفة في اماكن تجمعات الشباب بالنوادي والمراكز والقري لتعريف الشباب بأصول وقواعد دينهم السمح. وان تبذل وزارة الثقافة جهدا أكبر في التوعية والارتقاء بالفكر وتثقيف الشباب. وأن يساهم الاعلام بتبني القضايا الهادفة والبعد عن موضوعات الدجل والشعوذة والجهل وان ينشر قيم التسامح. وان يعمل الفنانون في اعمالهم علي الارتقاء بالذوق العام والبعد عن الاعمال الهابطة وعن الابتذال.
علي هؤلاء جميعا ان يدركوا حجم المسئولية الكبيرة الملقاة علي عاتقهم. وأن يعلموا أن المعركة هي معركتهم في المقام الاول. قبل أن تكون معركة الجيش والشرطة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف