الوطن
ناجح ابراهيم
مجزرة مسجد الروضة.. التاريخ مذهولاً!
سيناء مر منها إبراهيم وعبرها عيسى وأمه مريم إلى مصر وتنزلت فيها ألواح التوراة على موسى «عليهم جميعاً الصلاة والسلام» ووالله لو كانت فيها داعش وأمثالها وقتها ما جاءوها كراهية لهؤلاء الحمقى قساة القلوب، هؤلاء لم تتشرب قلوبهم ريح هؤلاء الأنبياء من هذه الأرض الطاهرة.

ذهب سكان سيناء إلى المسجد آمنين مطمئنين فإذا بهم يخرجون منه جثثاً وأشلاء، ذهبوا إليه أسراً شبه كاملة فإذا بمعظم هذه الأسر تتمزق ما بين قتيل وجريح وأرملة وثكلى ويتيم.

- عشرات الأسر السيناوية فقدت اثنين أو ثلاثة وبعضهم فقد أربعة، لم يرحم الطغاة الجبناء الأطفال من المجزرة الخسيسة، الخوارج القدامى قساة القلب الذين لم يجاوز القرآن حناجرهم كانوا أكثر رجولة من هؤلاء، معظم دواعش سيناء بالذات لا ينتمون للدين أصلاً فمعظمهم تجار مخدرات وأصحاب سوابق جنائية ومهربون.

داعش تخصصت فى قتل العزل، وتفننت فى قتل المصلين فى يوم الجمعة أو يوم الأحد، لم تنتصر داعش فى معركة ضد جيش أبداً، كل معاركها دائماً ضد المدنيين أو بتفجير دور العبادة أو الأسواق أو عن طريق الغدر بالآخرين، أما حينما تواجهها الجيوش المحترفة فهى تنهزم سريعاً.

يعتبر تنظيم داعش هو التنظيم الوحيد الذى لم يتحدث أبداً عن قضية فلسطين القضية المحورية العربية والإسلامية لكل التيارات الإسلامية.

لم تستطع يوماً أن تقترب من الذين يحتلون بلادنا وأرضنا، فقد كانت داعش بجوار الجولان المحتل فلم تطلق طلقة عليها، سوى طلقة مدفعية بطريق الخطأ اعتذرت عنها لإسرائيل كما أعلن المتحدث الرسمى للجيش الإسرائيلى، منتهى الحنان والرفق مع من يحتل بلادنا، ومنتهى القسوة والجبروت مع بنى جلدتهم ووطنهم أو دينهم.

لم يكن غريباً على دواعش سيناء أن يفجروا «مسجد الروضة» أو يقتلوا المصلين فى أعظم أيام الله «الجمعة» وقد حاولوا من قبل إيذاء النبى بمحاولة تفجير مسجده ولكن المحاولة فشلت.

يمكننا قراءة الحادث فى النقاط الآتية:

- تفجير المساجد وصمت به داعش ومثلت خلافاً مع القاعدة، وبدأها الزرقاوى وتلاميذه فى العراق بتفجير المراقد الشيعية، ما جعل الميليشيات الشيعية ترد بتفجير المساجد السنية.

- داعش لها عداء عقائدى مع الشيعة والصوفية وتعتبر مراقدهما وأضرحتهما مساجد ضرار وتستبيح هدمها أو تفجيرها، خاصة فى ظل حالة صراع سياسى أو حرب بينهما مثل التى بين دواعش العراق والميليشيات الشيعية أو بين دواعش سيناء والسواركة الذين يذهبون لمسجد الروضة وبينهم تصفيات جسدية متبادلة.

- فى الحالة السيناوية يضاف إلى عنصر التصوف العقائدى أن هذا المسجد تقطنه أغلبية من السواركة العدو التقليدى لدواعش سيناء، رغم أن معظم قادة الدواعش منها، وهى التى أنشأت تجمعاً قبلياً لمواجهة الدواعش، بعد قيامهم باغتيال عدد من شيوخ السواركة كما قتلوا 21 شيخاً آخرين ما جعل هؤلاء الشيوخ يتركون شمال سيناء كلها ويستوطنون الإسماعيلية و6 أكتوبر والعبور والزقازيق وغيرها، فلا يستبعد أن يكون الدواعش قد قاموا بهذه الجريمة نكاية فى الصوفية والسواركة معاً.

- نشأ تنظيم جديد منشق عن الدواعش فى سيناء اسمه «جند الإسلام» يعتقد الكثيرون أن السواركة تدعمه بطريقة غير مباشرة، وهذا التنظيم الجديد قام بعمل كمائن ناجحة للدواعش وأوقع بهم قتلى وجرحى ما أغاظ الدواعش، ويعتقد البعض أن حادث المسجد هو رد على هذا التنظيم بصورة غير مباشرة فى المنطقة الرخوة للقبيلة.

- الدواعش فشلوا فى الهجوم على كل الأهداف الصلبة مثل «الجيش والشرطة» فهاجموا الأهداف الرخوة مثل القضاة والكنائس والأديرة، فتحولت إلى أهداف صلبة مؤمنة، فلم يبق فى سيناء من الأهداف الرخوة سوى المساجد.

- الإسلام احترم كل أماكن العبادة سواء المساجد أو الكنائس أو معابد اليهود حتى فى حالة الحرب، لأنها مظنة عبادة الله ومظنة الأمان والإيمان عند أصحابها، وهم عند أهل الإسلام أهل كتاب يؤمنون بالله الواحد ولهم رسول يؤمن به المسلمون وكتاب منزل، ولم يكتف الإسلام بالكف عن هذه الأماكن بل ألزم أبناءه بحمايتها «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً»، وكان أمر رسول الله لجيوشه «لا تقتلوا راهباً فى صومعته»، وذلك فى حالة الحرب فما بالك بالسلام وما بالك من بنى وطنك.

- مكون داعش اليوم لا يمت للدين أو الأخلاق أو الرحمة بصلة، فهو مكون بدوى قبلى ذو جفوة وغلظة، جنائى بحت ذو قشرة تكفيرية حادة، ومعظم أفرادهم من الهاربين من الأحكام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف