أنور عبد اللطيف
حوار ناجح لمكرم ومبادرة خبيثة للشحات!
أقنعنى الشيخ ثروت حيث اخر تقديم واجب العزاء فى وفاة خالى الثانى خلال أسبوع وراح يشرح معنى الحديث النبوى الشريف الذى يحكم بكفر الفئة الداعشية الباغية على المصلين فى سيناء، حين قال: لا ترتدوا من بعدى كفارا يقتل بعضكم رقاب بعض.
وأدهشتنى مبادرة الأستاذ ناجح إبراهيم الشحات لفك تعقيدات الموقف السياسى، ووقف استفحال الظاهرة الارهابية وطالب بحوار بين الدولة المصرية وبين تيارات الاخوان والسلفيين (السلميين!) .. فتذكرت مكرم محمد أحمد عام 1982 ومجلة المصور وحلقات (دائرة الحوار) التى أدارها، رغم الفارق الرهيب فى نوايا الرجلين, مكرم والشحات, فى حجم المؤامرة ودرجة تعقيد الظروف! ففى نهاية السبعينيات كان الوضع السياسى حول الرئيس السادات قد تسمم بسبب رغبته المحمومة فى استكمال تحرير سيناء بأى ثمن، ومبادرته للسلام وزيارته للقدس وتداعياتها على حالة الحوار السياسى، وقتها كان الشارع السياسى يغلى بسبب وجود الإخوان بعد أن أفرج عنهم السادات وسمح بتغولهم فى النشاط الطلابى لمعادلة تغول اليسار فى الجامعات والساحات السياسية والاتحاد الاشتراكى، ووسط هذه التركيبة السياسية المعقدة وقعت اتفاقية كامب ديفيد، وبرغم رفع العلم المصرى على العريش وقرر السادات فى سبتمبر 1981 وضع كل الرموز المعارضة للسلام فى السجون، حتى تم اغتياله، وخرج من رحم هذا الحمل المسموم الرئيس مبارك! ووجدها مكرم محمد أحمد فرصة أن تقود مجلة المصور المبادرة لفك اشتباك الموقف المعقد حول الرئيس الجديد، ومن منطلق المسئولية الوطنية أطلق من خلالها (دائرة الحوار) واستضاف كل التيارات الممنوعة على حلقات مطولة، وسمع الناس لأول مرة بعد غياب رموز الوفد فؤاد سراج الدين، ومصطفى مرعى، ورموز اليسار مثل فؤاد مرسى وخالد محيى الدين، وميلاد حنا، والناصريين ومحمد حسنين هيكل، ثم كانت لقاءاتهم مع التيارات والجماعة الاسلامية من داخل السجون وخارجها مثل عمر التلمسانى ومحمد عمارة، وصنع مكرم محمد أحمد حالة حوار هائلة ساهمت فى إحداث عملية المراجعات داخل السجون، وأفرج عن بعضهم, بينهم ناجح إبراهيم, فكانوا نواة لمرتكبى جريمة الأقصر واغتيال فرج فودة، ومحاولة اغتيال مكرم نفسه ونجيب محفوظ بعد ذلك! وما أشبه الليلة بالبارحة من تعقيد الحوار وتسمم الحياة السياسية أيام السادات إلى اليوم ومنذ شارك الإخوان فى ثورة 25 يناير واختطافهم السلطة لمدة عام، وما تبعها من فتح سيناء لتكون مرتعا لكل السلفيات الجهادية والداعشية والقاعدة، وكشفت الوقائع أن سيناء كانت الجائزة الكبرى التى لم تمانع الولايات المتحدة فى منحها لهذه التيارات من كل أنحاء العالم لإعلان دولتهم «الوهمية» إمارة سيناء، حتى كانت ثورة الـ 30 من يونيو التى أوقفت إتمام هذه الصفقة فى سيناء، ومنها انطلقت سلاسل من العمليات الارهابية ضد الجيش المصرى والشرطة المصرية، وسقط فى هذه العمليات مئات الشهداء والضحايا حتى كان آخرها. يوم الجمعة الماضى, العملية الوحشية الأبشع والعدوان الآثم الذى شنه التكفيريون على مسجد الروضة فى بئر العبد!
ووسط الدموع والأحزان التى عمت كل بيت مصرى خرجت مبادرة ناجح إبراهيم عبر راديو 9090 يدعو فيها الدولة لحوار مع جماعات الاخوان والجماعة السلفية والدينية التى لم تتورط فى أعمال العنف وحمل السلاح كما يدعو هذه الجماعات لانتهاز الفرصة وإعلان تلاحمها مع الدولة ونبذ العنف، وأطلق ناجح تفسيره للجريمة الذى كرره لفضائية dmc وموقع صدى البلد، بأن العملية (تستهدف الانتقام من جماعة جند الإسلام التى أسسها أعضاء من قبيلة السواركة، فيما يوجد أبناء القبيلة بكثرة في مناطق متفرقة بمنطقة بئر العبد، وتحديدًا قرية الروضة التي شهدت الحادث الإرهابي بالأمس).. وأضاف (أن المسجد الذي استهدفه أعضاء داعش يتبع عائلة السواركة وهم العدو التقليدي لداعش، خاصة أن تنظيم «جند الإسلام» الذي أسسه السواركة يقاتل «داعش» فى عده جبهات داخل سيناء، وخلاصة تحليله: أن (داعش ضرب عصفورين بحجر واحد، أولهما تنفيذ عملية ضد السواركة والثاني أن مسجد الروضة يتبع الطرق الصوفية التي يكفرها التنظيم» وتوقع الدكتور ناجح ردا من جند الإسلام ضد داعش) وخطورة هذا الكلام «الخبيث» الذى أطلقه, صاحب مبادرة الحوار بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان الإرهابية وذيولها السلفية: إن الجريمة الأخيرة فى حق المصليين والابرياء تصفية حسابات بين أجنحة مسلحة وتيارات متطرفة، وليست موجهة ضد الجيش المصرى ولا الدولة المصرية، وهكذا يتضح الفارق بين حوار مكرم ومبادرة الشحات، فالأول استغل حالة احتقان سياسى لإدارة حوار بين تيارات سياسية وطنية محرومة تبحث عن منبر، والثانى يستغل وحشية الحدث لتبريد الجريمة وتخدير الدولة للقبول بصراعات جيوش مسلحة على أراضيها، وإهمال عمليات التنمية وهى محاولة خبيثة لإطلاق مبادرته المريبة، التى تهدف لفتح حوار مع الإخوان والسلفيين, «السلميين»، وترك قبيلة السواركة وحدها تخوض الحرب مع الارهاب الداعشى نيابة عن العالم!