علاء عريبى
رؤى - الطاغوت والصائل والصوفى
الذى يجمع خطاب إسلام يكن، والمسمارى، ويضيف إليهما من قتلوا المصلين فى مسجد الروضة، ويقارن بينها جيدا سيكتشف أنهم قتلوا باسم الله تحت مسميات مختلفة، وهى: الطاغوت، والصائل، والصوفى.
قبل عامين قتل الشاب المصرى إسلام يكن فى سورية، وبعد وفاته عثر على وصيته، نص الوصية يوضح لنا قناعات هؤلاء الشباب الفقهية التى تبنوها لخلاف مع أنظمتهم الحاكمة أو بسبب فهم خاطئ لكتاب الله وسنة رسوله الكريم، إسلام كتب يقول لأصحابه:« يا إخوة التوحيد في شتى بقاع الأرض عامة، أشهد الله أني أحبكم في الله جميعا، وأسأله تعالى أن يجمعنا بهذه المحبة تحت ظل عرشه وفي الفردوس الأعلى، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون، وجاهدوا أعداء الله من الكفار عباد الصليب، واليهود، والمرتدين الطواغيت، وجيوشهم، اذبحوا رقابهم بسيوفكم، وافلقوا رؤوسهم برصاصكم، وفجروا أجسامهم بأحزمتكم وعبواتكم، ولا تنسوا المفخخات، فإنها أنكى وأفجع، ومن فضائل الأعمال لنيل رضوان الرحمن».
إسلام أنهى رسالته بقوله:« أسأل الله العظيم ألا أكون ممن قال فيهم:« وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا »الفرقان 23.، أو ممن قال فيهم: « الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا» الكهف .104 ، وأن يجعل أعمالي كلها صالحة ولوجهه الكريم خالصة ويتقبلها بقبول حسن».
يكن كان على قناعة أنه يحارب أعداء الله، وهؤلاء الأعداء حسب رسالته هم الكفار، وقد حدد الكفار فى رسالته بـ:« عباد الصليب، واليهود، والمرتدين الطواغيت، وجيوشهم»، فقد منح الحاكم المسلم، وجيشه، وشرطته، والمسيحيين واليهود درجة الكفر، أقنعوه هو وغيره من الشباب أن الحاكم المسلم طاغوت، والطاغوت مرتد، لذلك وجب قتاله هو وجيشه وشرطته، فالعقوبة: الذبح، ورصاصة فى الرأس، وتفجير أجسامهم بالأحزمة والعبوات، والمفخخات»، والمقابل: «نيل رضوان الرحمن».
المسمارى الليبى جاء إلى القاهرة لمحاربة صائل ابن تيمية، وهو: الحاكم، وجيشه، وشرطته، جاء لكى يرفع الظلم عن المسلمين المصريين المغلوبين على أمرهم، الذين يقعون تحت قهر الصائل، هذا ما اعتقده أو ما قيل له كمبرر لقتل المسلم، فهو صائل، والصائل هو المعتدى على الغير.
إسلام والمسماري اتفقا فقهيا على الحاكم وجيشه وشرطته، لكنهما اختلفا فى التسمية وفى المرجعية الفقهية، يكن كان يراه طاغوتا مرتدا، والمسماري يراه صائلًا معتديًا، والصائل قد يكون مسلمًا أو كتابيًا، وقد يكون مصريًا أو عربيًا أو أجنبيًا.
الذين قتلوا المصلين في مسجد قرية الروضة لم يفصحوا عن مرجعيتهم الفقهية، وقيل إنهم قتلوهم لأنهم يتبعون الفكر الصوفى، ومحمد بن عبدالوهاب قام بحملته فى الجزيرة ضد الأضرحة، وضد من يؤمنون بأولياء الله.
هذا التباين يجب أن نقف أمامه جيدًا ونحلله ونفتش عن مرجعيته والمواضع التى تتشابه فيها هذه الجماعات فقهيًا، إن كنا نسعى بالفعل إلى تفكيك الخطاب الدينى الدموى.