عباس الطرابيلى
هموم مصرية -إعلام.. ما بعد الجريمة
أخشى أن تنطفىء جذوة الغضب على جريمة مسجد الروضة، بعد أيام.. زادت أو قصرت.. بمضي الزمن.. لأن هذا للأسف سلوك مصري معلوم للجميع.. إذ إن معظم انفعالاتنا تشبه تمامًا: حريق قش الأرز!! شديد فى البداية يصحبه دخان كثيف ولهب شديد.. ولكن سرعان ما يتحول كل ذلك إلى .. رماد.. وننسى!!
ليس فقط غضبة الرأى العام الداخلى.. ولكنه أيضًا موقف الإعلام المصرى كله مقروءًا أو متلفزًا بالصوت والصورة.. ولكن سرعان ما يهدأ كل ذلك ربما لأننا نطبق فى حياتنا مقولة إن النسيان نعمة من نعم المولى علينا ولنا.
<< وأتمنى إنشاء جبهة وطنية تنظم حملة توعية شاملة تكشف لكل المترددين خبايا وخطايا هذا الإرهاب، الذى يصل به الأمر إلى اقتحام المساجد وقتل معظم من فيها وهم ركع سجود.. تمامًا كما هاجموا الكنائس وهى أيضًا من بيوت الله.. والمضحك المبكى أن هؤلاء يدَّعون إسلامهم.. والإسلام منهم براء. نقول ذلك لأنه مازال بيننا من يتعاطف مع هؤلاء.. وهم ليسوا فقط من الخلايا النائمة التى كشفتها الأيام، أو ممن يحلمون بالعودة لحكم مصر.. وهنا أذكرهم بأن صلاح الدين استخدم أشد وسائل القسوة للقضاء على الدولة الفاطمية ولم يكتف فقط بمطاردة الأحياء، بل سمح لأحد رجاله «ماركس الخليلى» بنبش قبور الخلفاء الفاطميين وإلقائها خلف باب البرقية «الدراسة» لتنشأ فوقها تلال الدراسة الحالية!!
<< وإذا كان هذا هو دور الاعلام ـ داخليًا ـ لمزيد من التوعية.. فإن المطلوب من الاعلام المصرى أن ينطلق فى عملية شرح للحقائق وسط الرأى العام العالمى ليس فقط للتنديد، ولكن لكشف دور الدول التى تمول وتدرب الإرهابيين وتمدهم بالسلاح، الذى لا يمكن أن تملكه إلا الجيوش الرسمية.
وأن يقف المجتمع الدولى من هذه الدول: الظاهر منها والمخفى أو من يعمل تحت الأرض وإن ادعى أنه ضد الإرهاب.. يقف موقفًا حازمًا من هذه الدول.. وأن يقول للعالم إن الدور على غيرنا، من دول العالم، فى أى مكان.. وإن ما يحدث فى مصر سوف يمتد إلى عواصمهم ومدنهم، لأن الإرهابى المستأجر يعمل لصالح من يدفع أكثر.. حتى وإن كان بعضهم يتحرك إرهابيًا وفقًا لبعض الأفكار الهدامة.
<< وأخطر أنواع الإرهاب هو هذا الذى «يقبض ليعمل» وكأننا نعود لعصر كانت الجيوش المستأجرة تنطلق فى كل مكان، سواء كانت فرقًا مسلحة أجنبية أو مجندة لخدمة أغراض دول أخرى.. ولاحظوا أن معظم قوات القاعدة ما تكونت إلا بدعم من هذه الأموال.. وكذلك قوى داعش وغيرها.
والمؤلم أن هناك من يرى أن داعش مثلاً تلفظ أنفاسها، وبالذات بعد الضربات التى تلقاها التنظيم فى العراق وسوريا.. وما يجرى فى ليبيا خير مثال، وهنا نقول إذا كانت العراق أو سوريا بعيدة عن أوروبا وأن ليبيا تقع على الشاطىء الآخر من أوروبا، وإذا كانت أوروبا عانت من الهجرة غير الشرعية، وهى مدنية، فإن الإرهاب ما أسهل أن يتحرك مسلحًا للعمل داخل أوروبا.. وقريبًا جدًا.
<< ونقول للكل إن تحرك الرئيس السيسى لإقناع العام أن أى مكان فى هذا العالم ليس بعيدًا عن هذا الإرهاب، فإن هذه هى الحقيقة، وإذا لم يتحرك المجتمع الدولى ـ يدًا واحدة ـ لمواجهة هذا الإرهاب.. فسوف يتوحش الإرهاب حجمًا وتسليحًا وتخطيطًا ليضرب فى أى مكان.
مطلوب تحرك إعلامى مصرى نحو الخارج.. وأيضًا مطلوب تحرك دولى حقيقى، وليس مجرد كلمات تتعاطف معنا، لكى نمنع هذا الإرهاب من تدمير العالم كله.