الأخبار
حمدى رزق
فيض الخاطر - شيطَان يوزك في سكة شمال !
قاعد لوحدك كده سرحان
الشيطان يوزك في سكة شمال
مصنفة أغنية من مهرجان أغاني »Drugs»‬، أغاني المخدرات، إذا شيطان يوزك، أوكا وأورتيجا لك من الناصحين، قاعد لوحدك كده سرحان، الشيطان شاطر حذار من السرحان سكة الشيطان، وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
احتلت أغنية »‬قاعد لوحدك كده سرحان» صدارة أغاني الميكروباص، وأزاحت أغنية »‬آه لو لعبت يا زهر» من صدارة المشهد الغنائي، أغنية بسيطة لحناً دارجة لفظاً تخلو من الموبقات اللفظية، تصلح للرقص في الأفراح والديسكوهات بل وفي الصالونات، وبعد الرقص حاسب الشيطان يوزك، نصيحة خالصة من أوكا وأورتيجا بتجنب شيطان المخدرات، تصلح إعلاناً تربوياً لحملة »‬لا للمخدرات» التي تعمل عليها الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي.
الأغنية تشيع وتتوغل وتقتحم الجروبات الشبابية، وصداها يتردد في الجنبات، ويرددها ويرقص عليها الشباب، صارت فقرة رئيسية في الأفراح، أغنية راقصة جداً، وتحوي خلاصة البهارات الإيقاعية الحريفة، منقوعة في قاع المجتمع حتي اختمرت فكرة في سياق موجة أغاني المخدرات.
مستمعو الطرب القديم، سينفرون من الأغنية ويفرون منها فراراً، وسيترحمون علي كلمات أغاني زمان، نوستالجيا الماضي الجميل، كان زمان، ولكنها ذوق جيل، وغناء جيل، وأوكا وأورتيجا خلاصة من خلاصات هذا الجيل الذي لم نفهمه حقاً، شهيصة وصهللة وكلمات ملغومة باللغوصة، أَشْرَبُ يَلّا أَشْرَبُ يَلّا وَلَعٌ يَلّا العُبُّ يلا، العُبُّ يَلّا العُبُّ يَلّا أَشْرَبُ.
لا تسأل عن سبب مفهوم لشيوع أغنية تخاطب الغائب بـ »‬يَلّا» مفردة نداء شعبوية صارت أداة نداء تطلق في الطرقات، الحالة الغنائية المصرية تحتاج إلي دراسات جدية، الحالة السمعية المصرية في حاجة ماسة لدراسة المؤثرات الطربية من هذه العينة المحلقة في غمامة الدخان الأزرق.
غريب أن يرقص المدمنون علي أغنية تحارب الإدمان، وتتردد خلفية لشد الأنفاس، يلا ولع يلا كِدة ولِعت نَار كِدة خرّبت نَار، تجسد المعني في الأغنية »‬حبهُ فوقَ حُبِّهِ تحْت حبِِّ فَوْقَ حُبِّهِ تحت» منحولاً من أغنية عدوية الشهيرة، فعلاً شباب اليومين دول حبة فوق وحبة تحت، وشيطان يوزك »‬مَا تلعب يَلّا العب يلّا مَا تلعب يلّا العب».
تؤشر الأغنية من طرف خفي إلي شيوع تعاطي المخدرات، هناك تناسب طردي بين شيوع أغاني المخدرات وشيوع إدمان المخدرات، والمؤشرات الرقمية مخيفة شبابياً، وعلاج الظاهرة أخشي ليس ناجعاً، وارتفاع أسعار المخدرات في ظل نشاط لافت لمكافحة المخدرات وضبطياتها المعلن عنها والخفي منها، لا يمنع مخدرات رخيصة تغمر الأسواق، وسقوط جروبات شبابية جديدة في هاوية الإدمان.
خلاصة الأغنية أن الشيطان شاطر، شيطان يوزك، وهذا تسطيح لعملية السقوط في بحر الإدمان الغريق، فالإدمان لم يعد صناعة الشيطان وحسب بل صناعة مافيا عتيدة في الإجرام سنحت لها فرصة للتسلل إلي العقول المغيبة، والناقمة، والرافضة، وغير القادرة علي التكيف المجتمعي في ظل بطالة مخيفة، وطاقات معطلة، وفراغ فيه متسع للتجريب هروباً من واقع مرير يحبط الشباب.
أوكا وأورتيجا اتهما الشيطان، وشيطان الإنس أخطر والوسوسة شغالة علي ودنه، والشباب أكثر استعداداً للانتحار تطرفاً أو إدماناً أيهما أقرب، يحرقون شبابهم علي أعينهم يأساً وقنوطاً في مناخ لا يبلل ريقهم الجاف إلي فرصة عمل تعينهم علي البقاء أحياء يرقصون انتحاراً علي مهرجان أغاني المخدرات.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف