المصرى اليوم
نيوتن
دعاء السفر
(عزيزى نيوتن:

قرأت فى مقالك أمس ما اعتبرته أنت مظاهر متعددة لسلوكيات خاطئة فى التعامل مع الدين. فى حين أننى أعتبرها أموراً شكلية لن تؤثر فى نفسية المصريين وروحهم الأصيلة من قريب أو بعيد.

ومن ضمن ما طرحته أنت الآية الكريمة التى عادة ما يتضمنها دعاء السفر. أوضح لك أن الآية الكريمة ليست دعاء للسفر، فقد سافرت أكثر من مرة عن طريق شركة مصر للطيران، وسمعت هذا الدعاء:

«سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألك فى سفرنا هذا البر والتقوى. ومن العمل ما ترضى. اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا. واطو عنا بُعْده. اللهم أنت الصاحب فى السفر. والخليفة فى الأهل. اللهم إنى أعوذ بك من وعثاء السفر
وكآبة المنظر. وسوء المنقلب. فى المال والأهل».

أول مرة سمعت فيها هذا الدعاء أصبت بدهشة استمرت معى وقتاً. فكرت فى نفسى: كيف يمكن أن تستقبل شركة طيران كبرى بدعاء يحمل كلمات تبشر بالشر للعملاء. مثل «كآبة المنظر وسوء المنقلب». فضلاً عن كلمات مهجورة مثل «وعثاء السفر».

فكرت أيضاً إذا كنت أقبل هذا الدعاء كمظهر دينى أو عادة دينية باعتبارى مسلماً. لماذا غير المسلم يكون مجبراً على تلقى هذا الدعاء، سواء كان مصرياً مسيحياً أو أجنبياً من أى ديانة. أم أن الشركة تعتبر نفسها ذات توجهات محلية. ولا تنظر إلى ما يريده الركاب أو العملاء بشكل عام.

عزيزى نيوتن؛ بصرف النظر عن السلوكيات الخاطئة والدخيلة على المجتمع المصرى. التى تتستر باسم الدين. أرى أن شركة مصرية من المفترض أن لها طابعاً دولياً. يجب أن تقوم بتغيير طريقة استقبال المسافرين فى رحلاتها.

محمد السيد ـ طنطا)

نيوتن: طرحت هذا النموذج كمثال. دون أى اعتراض على الدعاء. قصدت أنه استعارة من الماضى.

بعد أن تغيَّر الزمان والمكان. فى الماضى كانوا يسافرون لأيام وقد تمتد لشهور. يجدون معاناة فى المأكل والمشرب. عواصف رملية وعناء فى الطريق. اليوم السفر إلى أبعد البلاد لا يتجاوز ساعات. يجد المسافر على الطائرة أو الباخرة المأكل والمشرب والتحلية. يجد الرعاية. ووسائل الترفيه مثل توفير سماع الموسيقى والأفلام السينمائية. دورات المياه مجهَّزة. هل فى أى من هذا وعثاء للسفر؟ هل فى كل هذا ما ينطبق على كل ما كان يعانيه المسافر قديماً.

هذا جزء من شكل عام استشرى فى المجتمع المصرى. مظاهره كثيرة ومتعددة. نجدها فى عبارات تجرى على ألسنة الجميع.

قصدت أن أرصد نماذج عابرة لتلك الظاهرة. الكاتب سليمان جودة علَّق على هذا الدعاء فى مقال كامل نشره منذ سنوات. لم يسلم من أذى من يتبنون هذه الظاهرة. الدخيلة على مجتمعنا المصرى بكل تأكيد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف