الوطن
د. محمود خليل
لماذا نسكت على هذا الكلام؟!
الحديث عن أرض الغير عدوان. لم تجف بعد دماء شهداء مسجد الروضة بسيناء، ولم تندمل جراحات المصابين. وفى حين كان الدم المتخثر يشكو إلى الله ظلم البشر، تداولت عدة مواقع إعلامية مصرية تصريحاً خرجت به وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية جيلا جملئيل، تقول فيه: إن أفضل مكان للفلسطينيين ليقيموا فيه دولتهم هو سيناء، بحسب ما أفادت القناة العبرية الثانية، اللافت للنظر أن موقع قناة «روسيا اليوم» -أحد المواقع التى تداولت التصريح- أشار إلى أن الوزيرة المذكورة موجودة فى مصر حالياً للمشاركة فى مؤتمر نسائى تابع للأمم المتحدة!. وفى المقابل ذكر موقع «التحرير» أن مصر استدعت السفير الإسرائيلى للرد على هذه التصريحات.

كلام الوزيرة الإسرائيلية عن توطين الفلسطينيين فى أرض سيناء عدوان، كان يستوجب رداً أكثر حسماً من مصر، خصوصاً أن سياق طرحه تزامن مع المذبحة التى شهدتها مدينة العريش يوم الجمعة الماضى، وهو تزامن لا يثير فى النفس سوى الاشمئزاز. واضح أن أبناء الدولة العبرية تغلبهم أوهامهم، ويحلمون بإعادة إنتاج نفس اللعبة التى لعبوها ونشأت على أثرها إسرائيل، حين زرعت العصابات اليهودية فوق أرض فلسطين، واشتبكت هذه العصابات مع أصحاب الأرض والتاريخ من العرب، وانتهى المشهد بمأساة 1948. يحلم الصهاينة بأن يكرروا اللعبة فى سيناء. وهيهات هيهات لما يوعدون، فسيناء قطعة غالية من أرض مصر، شربت من دماء وتضحيات المصريين، أجيالاً وراء أجيال، وعلى إسرائيل أن تبحث عن حل لمشاكلها بعيداً عنا.

لا خلاف على أن كلام الوزيرة خبط عشواء، وسفه من النوع الصهيونى العالى، ولخبطة مسئولة من الواضح أنها لم تكن واعية وهى تثرثر بهذا الكلام، أو ربما كانت تكرره مثل الببغاء، بحكم تردده على لسان بعض الصهاينة الآخرين داخل فلسطين المحتلة.

موقف مصر والمصريين من سيناء واضح، فما زالوا يدفعون ضريبة الدم ويقدمون التضحيات من أجلها حتى هذه اللحظة. وموقف الفلسطينيين هو الآخر واضح لأنهم يريدون أرضهم وليس أرض غيرهم، يحلمون باستعادة وطنهم السليب فوق أرضهم التاريخية، ينتظرون يوماً يعود فيه فلسطينيو الشتات الذين أخرجتهم عصابات الصهاينة من ديارهم ليعيشوا فوق تراب وطنهم من جديد. لكن ذلك لا يقلل من ضرورة الرد الحاسم والرادع على إسرائيل حتى يكف مسئولوها عن هذا السفه، ويتوقفوا عن ترديد هذا الكلام الفارغ. فالسكات مضر فى مثل هذه المواقف.

منذ بضعة أيام كتبت مقالاً تحت عنوان «التجرؤ على مصر»، وحقيقة الأمر فإن عابثين كثراً أصبحوا يتجرأون علينا هذه الأيام، جرأة تصل إلى حد البلطجة، كما ظهر من جانب إثيوبيا التى خرج مسئولوها مؤكدين أن العمل فى سد النهضة لن يتوقف لدقيقة واحدة، بغض النظر عن الموقف المصرى!، وكما تجلى فى حديث الوزيرة المتبجحة التى تجاوزت حدود الجرأة إلى عتبة العدوان. فعندما تتحدث وزيرة دولة تأسست على مفهوم الاستعمار الاستيطانى عن أراضى دولة مجاورة فنحن أمام عدوان سافر، وليس من المبالغة أن نقول إن تكرار هذا الكلام يعنى ببساطة «إعلان حرب».!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف