الجمهورية
فهمى عنبة
مولد .. وصاحبه في قلوبنا
* أضاءت الدنيا بمولده.. وهبطت من السماء رحمات الله مع الوحي.. وتزلزت عروش الطغاة يوم بعثته.. وأرسله ربه ليخرج الناس من الظلمات إلي النور.. ويهديهم إلي الصراط المستقيم.
جاء ليتمم مكارم الأخلاق.. وعلم اتباعه ان الدين المعاملة.. وان تبسمك في وجه أخيك صدقة.. لم يشق عليهم.. اختار لهم أيسر الأمور وابتعد عن أعسرها.. طالبهم بالإيمان بالواحد القهار.. وان عملهم باتقان سيجد الجزاء من الغفار.
ولد الهدي.. فالكائنات ضياء.. وختم به المولي عز وجل. رسله وأنبياءه.. وأعطاه كتاباً محفوظاً من كل تحريف.. أنزله ليكون للعالمين نذيراً وبشيراً.. وهادياً وسراجاً منيراً.
أرسل الله بشراً واحداً بدأت به الدعوة.. عذبوه وأخرجوه.. ولكنه عندما عاد يوم الفتح لم ينتقم ولم يقتل ولا سفك دماً.. فسادت رسالته الدنيا.
في يوم مولد الرسول- صلي الله عليه وسلم- لا يوجد من أبناء الأمة من يعجبه حال المسلمين.. ومع ذلك لا يريد أحدهم أن يغير من نفسه حتي يتغير وضعهم.
ليس أمامنا سوي الإيمان بالله.. والتمسك بتعاليم محمد- صلي الله عليه وسلم- والعودة لما تركه لنا.. من كتاب الله وسنته.. من أخلاقه وسماحته.. من حرصه علي أن يسعي كل مسلم علي رزقه.. وأن يكون راعياً ومسئولاً عن ورعيته في بيته وفي عمله وفي وطنه.
لن ينجينا من كل المؤامرات التي تحاك لبلادنا وللمسلمين.. سوي الإيمان والعمل والإنتاج.. وان نطلب العلم ولو في الصين.. حتي ينصلح حال الأمة.
باختصار.. بكلام قليل وبسيط يفهمه العامة والصغار والكبار.. ليجعل كل مسلم رسولنا- محمد صلي الله عليه وسلم- في قلبه ويبدأ إصلاح نفسه بالسير علي هديه.. فهو لم يطلب منا الكثير.. ولم يحدثنا بكلام كبير غير مفهوم.. فقط لنقرأ سيرته ونفهمها.. ونعي رسالته ومضمونها.. ونحفظ تعاليمه ونعمل بها.. عندها سيعود المسلمون لما كانوا عليه ويسودوا الدينا بحسن الخلق والسماحة والصدق والعدل.. وليس بالسيف والقتل وسفك الدماء وترويع الآمنين.
.. وبالمناسبة ما المانع من تخفيف العبء عن كاهل رب الأسرة والاستغناء هذا العام عن شراء "حلاوة المولد" التي وصلت أسعارها إلي أرقام فلكية تجعل كل من يقترب منها يبكي "بمرارة" لانه سيكتفي بالفرجة ولن يستطيع أن يحضرها لأطفاله.. كما ان الاقتصاد في هذا الأمر سيساهم أيضا في توفير العملة الصعبة والدولارات التي تدفعها الدولة لاستيراد كميات اضافية من السكر والجوز واللوز والبندق وكافة مستلزمات إنتاج هذه الحلوي.
الاحتفال بمولد الرسول- صلي الله عليه وسلم- لا يحتاج سوي إخلاص النية.. والفهم الصحيح لرسالته التي لو كان فظا غليظ القلب لانفض الناس من حوله ولم يكن الله مدحه بقوله "وإنك لعلي خلق عظيم".
يا رب أعن المسلمين علي ذلك.
وكل عام وأنتم بخير.
عبدالمنعم سعيد .. المنشق علي "القومية" !!
** لم أفكر يوماً خلال مشواري في بلاط صاحبة الجلالة أن أتصدي لما يكتبه أي زميل صحفي حتي لو خالفته لأن هذا رأيه.. ولم أتعرض في مقالاتي لأفكارهم أو أقم بتفنيدها.. ولكني أجدني مضطراً اليوم لمناقشة ما قاله الدكتور عبدالمنعم سعيد عن الصحافة القومية في حواره مع الأستاذ أحمد موسي في برنامج "علي مسئوليتي".. أولا: لانه استند لمعلومات مغلوطة وغير دقيقة.. وثانيا: لأنه يتعدي مسألة الرأي ويمس مصير أكثر من 40 ألف شخص في 8 مؤسسات مملوكة للشعب.. والأهم ان البعض اشتم من كلامه لهجة عنصرية شديدة تبتعد عن الموضوعية رغم انه في الأصل باحث في مركز دراسات ورجل أكاديمي وليس صحفياً ميدانياً أو يجري وراء الأخبار والتحقيقات والسبق الصحفي.
تعجب الجميع في المؤسسات القومية من الحديث في هذا التوقيت واطلاق مبادرة استباقية للتشويش مع انه يعلم ان الهيئة الوطنية للصحافة الوليدة مازالت تدرس الأمر لأن مهمتها الأولي هي بحث أحوال المؤسسات وإعادة هيكلتها.. وكان البعض ينتظر منه أن يكون منصفاً وعادلاً ويطالب بالمساواة بين جميع العاملين والإداريين والصحفيين في المؤسسات القومية وأن تجمعهم لائحة أجور واحدة علي الأقل عند بدايات التعيين وفي البدلات طالما ان كل المؤسسات تحصل علي دعم من الدولة.. فلماذا التفرقة ولماذا يشعر أبناء مؤسسة ان ما يحصلون عليه أقل من الآخرين مع ان الجميع في الهم والخسائر سواء.. وإنه كما قال: "لم تعد ولا مؤسسة واحدة تعايش نفسها وتعتمد علي الدعم"؟!
.. من خلال سرد ما قاله الدكتور عبدالمنعم يبدو ان هناك من أجبره في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك علي قبول منصب رئيس مجلس إدارة "الأهرام" لأنه ضد قناعاته حسب نص الحوار الذي قال فيه: "ان فلسفة المؤسسات القومية ان يكون هناك صوت للدولة ومع أنني أحب الرأسمالية.. لازم نراعي الرأي العام" فهو غير مؤمن أصلاً بالصحافة القومية مع انه تولي رئاسة أكبر مؤسساتها وبالطبع يعرف الزملاء في "الأهرام" ماذا فعل بهذه المؤسسة العريقة عندما تولي مسئوليتها.. فكيف ننتظر ممن لا يقتنع بدور وأهمية المؤسسات القومية أن يدافع عنها أو عن حقوق العاملين بها؟!!
مرة أخري لا أعتب علي "عبدالمنعم سعيد" فهو عرف طريقه ويرأس حاليا مؤسسة "المصري" الخاصة وقال بحرية رأيه بصراحة دون ان يهتم بصحافة البسطاء من الشعب ولا بمصير آلاف العاملين بها ولا بالكفاءات الصحفية في "الجمهورية" و"روزاليوسف" و"دار الهلال" و"دار المعارف" و"وكالة الأنباء" و"القومية للتوزيع" هؤلاء لا يعبأون سوي برأي القراء الذين ينتظرونهم صباح كل يوم وهم بالطبع لا "يدوسون علي أرجل أحد" مثل الدكتور عبدالمنعم سعيد الذي انشق علي المؤسسات القومية مع انها أعطته الاسم والمكانة ولها الفضل علينا جميعا!!
بالتأكيد الزملاء الأعزاء في "الأهرام أو الأخبار" لا علاقة لهم بما قاله من خرج من عباءة "القومي" إلي "الخاص" ولن يؤاخذهم أحد علي كلام يريد أن يوقع العداوة والبغضاء ويثير نعرات العصبية بين المنتسبين للصحف والمجلات القومية وتعود التقسيمات القبلية إلي مؤسسات "الشمال والجنوب" كما كان يطلق عليها هواة التفرقة.
.. والأهم ان مناقشة هموم الصحافة القومية لا تتعارض أبداً مع ايماننا بأهمية ودور الصحف الخاصة والحزبية ولن يجعلنا كلام "الدكتور" نسيء إلي الزملاء في تلك الصحف ولا أن نقدح في كفاءتهم وان نؤكد ان المنافسة معهم زادت من ثراء التجربة المصرية خاصة في حال الالتزام بالمعايير المهنية.
لا عتاب علي الدكتور عبدالمنعم سعيد فهو حر في رأيه ولكن العتاب علي المجلس الأعلي للإعلام بقيادة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد والهيئة الوطنية للصحافة برئاسة الكاتب الصحفي كرم جبر.. ولابد من إصدار بيان واضح هل ما قاله الرجل مجرد رأي أم اتجاه دولة. لأن مصير أكثر من 40 ألف عامل وإداري وصحفي في المؤسسات القومية ليس لعبة.. والأهم ان الصحف القومية التي يملكها الشعب ستظل رمانة الميزان للإعلام الوطني مع اتحاد الاذاعة والتليفزيون.. وأرجو ألا يغضب أحد مما أعتقد انه الحقيقة؟!
"أوراق الجنة" كشفت سوءات "الكبار"!!
** ظهر موقع "سن شاين" الالكتروني علي الإنترنت عام 2006 الذي تحول إلي "ويكليكس" وذاع صيته وأصبح حديث العالم عندما نشر ملايين الوثائق الأمريكية المهمة عن حربي العراق وأفغانستان فيما عرف "بالتسريبات" التي صارت أهم أسلحة الجيل الرابع من الحروب.. وتوابعها تكون أشد من الزلازل وتأثيرها أفتك من القنابل الذرية!!
تطورت "التسريبات" في معظم الدول نتيجة للتقدم الهائل في وسائل الاتصال واستخدامها سواء في التنصت علي الأفراد والفنانين والسياسيين ولاعبي الكرة وكبار المسئولين ومعرفة أسرارهم وبثها علي الهواء.. أو في القرصنة علي مواقع الأجهزة والهيئات السيادية والحصول علي نسخ من المعلومات شديدة السرية وإذاعتها علي الملأ.. مما هدد عروش أنظمة وأمن دول ونال من سمعة شخصيات محبوبة وفضح عشرات من المشاهير.. وتحولت لعبة "التسريبات" إلي مادة شبه يومية تثير الفضول وتهيج الشائعات.. وينتظرها الجميع لأنها أكثر إثارة ومتعة من كرة القدم أو "البوكيمون"!!
رغم معاناة مؤسس "ويكليكس" جوليان أسانج والتحقيق معه وهروبه واستمرار ملاحقته ومحاولته لطلب اللجوء السياسي.. إلا أن اللعبة اجتذبت غيره وانتقلت "حرب المعلومات" من ساحة السياسة إلي الاقتصاد.. ونشر في أبريل 2016 ما عرف باسم "وثائق بنما" التي جعلت 11.5 مليون وثيقة متاحة أمام أي إنسان علي وجه الأرض.. وهي تتناول ما كان يقوم به مكتب للاستشارات والخدمات القانونية لصالح شركات وأفراد ومساعدتهم علي التهرب الضريبي وتبييض الأموال عبر شركات عابرة للقارات وتناولت الوثائق أسماء بعينها لأكثر من 140 شخصية من بينهم ملوك ورؤساء دول ووزراء ومسئولون كبار من كل دول العالم تقريباً.. وكانت النتيجة تنحي عدد ممن حامت حولهم الشبهات وطرد مسئولين آخرين والتحقيق مع اخرين والأهم اغتيال احدي الصحفيات في مالطا كانت تقوم بعمل تحقيقات عن الوثائق وثبت لها ضلوع شخصيات مهمة يبدو أنهم تخلصوا منها علي الفور حتي لا يفتضح أمرهم!!
في يوم 5 نوفمبر الجاري قامت نفس الصحيفة الألمانية "زود دويتش تسايتونج" وهي التي كشفت عن "وثائق بنما" بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين "الصحافة الاستقصائية" بتفجير قنبلة جديدة أطلقت عليها "أوراق الجنة" أتاحت من خلالها 13.4 مليون وثيقة تتناول 120 ألف شخص وشركة في 50 دولة يتم توفير ملاذات آمنة لهم في بورمودا وسنغافورة للتهرب من الضرائب المفروضة في بلدانهم.. وهؤلاء من بينهم ملكة لامبراطورية سابقة كان لا يغيب عنها الشمس ووزراء في إدارة الرئيس الأمريكي ترامب وشركات متعددة الجنسيات مهمة وتعمل في كل بقاع الدنيا ومشاهير وفنانون أصبحت سيرتهم علي كل لسان.. ولكن الفرق بين وثائق "بنما والجنة" أن الأولي كانت الاتهامات مباشرة والتهم تعاقب عليها قوانين الدول ولا تتفق مع المواثيق الدولية.. أما الملاذات الآمنة في "بورمودا وأخواتها.. وصلوا إلي 19 ملاذاً".. فيطلق عليها مخالفات أخلاقية تؤدي إلي ازدراء صاحبها لكنها لا توقعه تحت طائلة القانون.. والأهم بالنسبة لمنطقتنا فإن وثائق بنما كانت تتضمن العديد من "الكبار" في مصر والشرق الأوسط.. أما "الجنة" فإن أصحابها أقل كثيراً من حيث العدد والمواقع كما لا يوجد أي مصري بينهم!!
قد لا يتم ملاحقة هؤلاء قانونياً.. ولكن من الناحية الأخلاقية فإن البحث عن طرق لايداع الأموال واستثمارها بالخارج دون سداد حق الدولة يطرح سؤالاً مهما كيف يمكن لملكة أو لرئيس دولة أو لوزير أن يقوم بعمل من شأنه التهرب من سداد ضرائب علي أرباحه وضرب الحائط بقوانين ساهم هو نفسه في وضعها وعليه مراقبة تنفيذها وتطبيقها علي كل المواطنين الأخرين. بينما هو أول من يخرقها.. مما يعني أنه فاسد ويدعو غيره ليحذو حذوه.. ومن هنا ينشأ "لوبي الفساد" برعاية الحاكم أو المسئول الكبير.. ويحقق المثل القائل "إذا كان رب البيت بالدف ضارباً.. فشيمة أهل البيت كلهم الرقص"!!
بالطبع لا يدفع حق الدولة "أي دولة" سوي البسطاء و"الغلابة" ومن لا يستطيعون الوصول للمكاتب الدولية في "بنما أو بورمودا" بل إنهم بالتأكيد لا يعرفون موقعها علي الخريطة.. ولم يسمعوا "عن جنة الملاذات الآمنة" التي تتيح لهم تهريب أموالهم.. فهم لا يملكون شيئاً ويعيشون في "نار" ولا يوجد فائض فبالكاد يجدون قوت يومهم.. ويطيعون أوامر أولي الأمر لعلهم يلحقون بالجنة في الآخرة!!
كل من يحاول التهرب من حقوق دولته علي مستوي العالم.. عليه أن يستوعب الدرس.. فقد نزعت وثائق الجنة أوراق التوت التي يداري بها سوءاتهم العديد من عظماء الدنيا والساسة والحكام وكبار المسئولين ونجوم المجتمعات وأهل البيزنس.. ولن يستطيعوا أن يغطوا كوارثهم.. وأخطاءهم بعد الآن.. فقد أصبحوا "عراة" أمام أنفسهم قبل أن تنالهم الفضيحة والعار علي كل مواقع التواصل الاجتماعي!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف