المشهد الذى تربينا عليه، وتعلمنا منه، وعشنا حياتنا فيه يتفكك، عبر السنوات يتساقط منه بعض مكوناته، معظم من عرفناهم وأحببناهم يرحلون الواحد بعد الآخر، يخرج من المشهد القديم، وتنطفئ لمبة، ويظلم المكان الذى كان يحتله منذ سنوات، قد يتفكك المشهد ويتلاشى فى النسيان خلال حياتنا، وقد نترك بقاياه ونرحل مع من رحلوا.
لم يعد فى المشهد الكثير ممن عرفناهم وعاصرناهم من كتاب وفنانين وجيران، وأصدقاء، وزملاء. لم يتبق لنا سوى بعض ذكريات، مع الزمن تبهت صورها فى الذاكرة، ويصعب استدعاؤها من بين آلاف الصور.
لشادية بعض الصور أحتفظ بها، حميدة التى قتلها الفقر فى زقاق المدق، وعصمت فى مراتى مدير عام، وعايدة التى أمرضها الفراغ فى عفريت مراتى، ونور فى اللص والكلاب عشيقة خريج السجون المثقف، وكريمة التى تغوى شابا ليتخلص من زوجها المسن فى فيلم الطريق، وزهرة الخادمة فى فندق ميرامار، وفؤادة التى تحدت عتريس وشجعت أهل القرية على التخلص من ظلمه وجبروته فى شىء من الخوف، وعايدة التى تحاول الاحتفاظ بزوجها فى الزوجة رقم 13.
لشادية صورة وهى تغنى مع فريد الأطرش: يا سلام على حبى وحبك، يا حبيبى هواك جننى والشوق ملانى جراح وحياتك تبعد عنى وتسبنى علشان أرتاح/ وأنا يعنى ما سك فيكى ما هو قلبى مشغول بيكى/ حبك حيرني/ وأنا زيك برضو ربى يصبرني».
وصورتها مع فاتن حمامة يغنيان: ألو ألو احنا هنا ونجحنا هو فى المدرسة/ بارك لنا وهات لنا وياك هدية كويسة».
وصوتها وصورتها مع صلاح ذوالفقار تغنى: فاارس أحلاااااامى حبيب قلبى وحبيب أيامى/عايزاك تفهمنى تفهمنى تفهمنى وتحقق صورة أحلامى/تعاملنى بقسوة وحنية تجرحنى وتدارى عليه/ ونقضى ساعات فى الملاغية زى الأفلام الغرامية/عايزة حياتنا تكون مشحونة عواطف/جد وهزل ورعد وبرق وريح وعواصف/عايزة أحس بحب طاغى نور ونار/حب يملالى فراغى ليل نهار/ وساعتها هقوووووووووول/ أنت حبيبى أنت حبيبى».
ما احتفظ به لشادية الكثير، خزنته فى ذاكرتى عبر سنوات طويلة من الزمن، صور سمعية وأخرى بصرية، مشاهد رومانسية، وكوميدية، ودرامية، ووطنية، لم يؤثر فيها الزمن، وكأنها الزمن:
«والله يا زمن/ لا بأيدينا زرعنا الشوك/ ولا روينا يا زمن/ وأنت يا زمن قاسى علينا بتبدر شوك حوالينا يا زمن/ والله يا زمن/ مكتوب علينا/ ومين عارف مصيره فين/ واللى انكتب عالجبين/ هنشوفوه بعينينا يا زمن/ والله يازمن/ والله يا زمن».