نعم الباز
مصر البشر - وغاب الصوت الذي كان ينعشنا
غابت شادية بعد أن جعلتنا نتمني لها الراحة.. غابت شادية بعد أن كان صوتها ينعشنا ويبعد الآلام عنا ويجعلنا نعيش السعادة بعد الشقاء والهناء بعد التعاسة.. غاب الصوت الذي كان يجعلنا نقول الله عليك يا زمن... غاب الصوت الذي كان يوقظ فينا كل أحاسيس السعادة حتي لو غنت أغنية فيها شجن جميل وأعادت المقطع بشكل آخر غابت شادية.. وهي شادية فعلاً بمعني الكلمة.. كانت تشد وكأنها تغني لنا ومن أجلنا لم تكن تغني لنفسها ابدا بل كانت السعادة تملؤها وهي تغني لنا من أجل سعادتنا.
كانت شادية مغنية بالنيابة عنا جميعاً فقد كنا نردد أغانيها أكثر من أي مطربة.
إذا اجتمعنا غنينا لشادية.. وإذا فرحنا غنينا لشادية وإذا كانت لدينا مناسبة سعيدة وجدنا أغاني شادية علي رأس الاغاني الجميلة التي تليق بالمناسبة.
كانت شادية دائماً علي قمة الاغاني السعيدة والشجية البسيطة التي يستطيع اي إنسان أي يغنيها فكانت السهل الممتنع وكانت الأجمل والأسهل والابسط بحيث نستطيع أن نغنيها جميعاً.. غابت الجميلة ولم تغب اغانيها ولم يغب صوتها الشجي الساحر بل سوف تظل تشجينا كما هي تماماً وتذكرت حينما لحن لها عبد الوهاب (وطني حبيبي الوطن الاكبر) تذكرت حين لحن النشيد اختار لشادية الكلمات التي تبرز فيها (ولعها) بوطنها (إنت حبيبي يا وطنيالعربي).
وكذلك تذكرت حبها الشديد للأطفال الذين حرمت منهم حينما التقيت بها في كواليس فيلم الطريق كانت معي ابنتي أمل وكانت أمل في سن الثانية واحتضنتها شادية وأخذت تداعبها حتي أنها انشغلت بمداعبتها حتي أنني لم استطع انهاء حواري معها لأنها انشغلت بالصغيرة.
وكنت احدثها عن اعتزالها وأنها فنانة كبيرة ولا يجب أن تعتزل في ذلك الوقت وكانت تتكلم عن أعمالها الفنية وأنها لم تتبرأ منها بل علي العكس تفخر بها ولكنها لا تريد أن تمحو تاريخها الفني وكانت دائماً فخورة بكل ما فعلت وكلما سمعت الناس تردد اغانيها تسعد وتقولي »كفاية إن الناس سعيدة وبتردد الاغاني اللي كنت باغنيها». وقالت لي مرة: »أنا باكون سعيدة جداً لما اسمع مطربة جديدة بتقلدني وتغني أغنية من أغنياتي وأكون سعيدة جداً لما اسمع أنهم في اعياد الميلاد والافراح بيطلبوا الاغاني اللي كنت باغنيها مثل (يا دبلة الخطوبة عقبلنا كلنا)، وبأحس أني بأساهم في سعادة الناس». رحم الله شادية فقد كانت محبة للناس ومحبة لكل من يغني اغانيها رحم الله ذلك الصوت الذي مازال ينعشنا وينعش الأجيال بعدنا.