الأهرام
علاء ثابت
«الجارديان» والرفق بالإرهاب!
من بين تغطيات بعض الوسائل الإعلامية الغربية اللا مهنية واللا موضوعية للشأن المصري بصفة عامة، المبنية علي موقفهم العدائي من ثورة 30 يونيو المصرية، خرجت صحيفة «الجارديان» البريطانية بحكم المقر، والقطرية بحكم الامتلاك والسياسة التحريرية، بتقرير داعم ومبرر للإرهاب بما يفوق ما يمكن أن تقرأه في مجلات ومواقع الإرهابيين الرسمية التي تعج بها شبكة الإنترنت. فإلي جانب إصرار «الجارديان» علي عدم وصف من قاموا بالعملية الإرهابية في قرية الروضة ببئر العبد بأنهم إرهابيون، مفضلة استخدام تعبير مسلحين، وإلي جانب ادعائها بأن الأهداف التي ضربتها القوات المسلحة لهؤلاء الإرهابيين كان اختيارها عشوائيا، وكأنها هي من يعرف بدقة أين يقيم الإرهابيون، في الوقت الذي لم تطأ قدم محررها تلك المنطقة، بل ربما لا يعرف مكانها علي الخريطة! إلي جانب كل ذلك كان الجديد الذي انفردت به «الجارديان» وأضافته إلي سلسلة مواقفها وجرائمها الصحفية تجاه مصر وهو قولها: إن سياسة القبضة الحديدية التي استخدمت في سيناء لم تؤد إلي إضعاف المتطرفين، بل انتقدت تصريح الرئيس السيسي عقب الهجوم، ووعده بالانتقام للشهداء وإعادة الاستقرار والأمن بـ »القوة الغاشمة«، وكأن المطلوب أن نترك الإرهابيين بلا حساب.

الصدمة التي أحدثها مقال «الجارديان» مرجعها عدم تصور أو تخيل أن يخرج شخص كائنا من كان في ظل وقوع عملية إرهابية هزت مشاعر وضمير، ليس فقط المصريين، بل مشاعر وضمير العالم أجمع، لينزعج من تصريحات بشأن رد الفعل الذى تكفله كل القوانين والمواثيق الدولية، بل اعتبارات الإنسانية. فالدول التي تحارب الإرهاب تتجهز بكل الأسلحة والمعدات للقضاء عليه وليس للتعايش معه، انطلاقا من الحقيقة التي أقرها قرار مجلس الأمن رقم 2354 الصادر قبل أيام وهي «أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشد الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين، وأن أي عمل إرهابي هو عمل إجرامي لا يمكن تبريره بغض النظر عن دوافعه». والأهم من ذلك أن ما قالته «الجارديان» هو في الحقيقة إعادة إنتاج للمقولة التي سبق أن صرح بها الرئيس الإخواني محمد مرسي، حين قال: لابد من المحافظة علي أرواح الخاطفين والمخطوفين فى أثناء أزمة اختطاف أنصاره الإرهابيين سبعة مجندين في مايو عام 2013.

فمرسي سابقا و«الجارديان» حاليا حاولا توفير غطاء يحمي الإرهابيين من رد الفعل. «الجارديان» بتعليمات لا يمكن أن تكون إلا قطرية، كما كانت سابقا لمرسي، أدركت أن الإرهابيين في ظل الإصرار والقدرات المصرية والدعم الدولي الراهن سيواجهون معركة أشد شراسة مما كان عليه الوضع قبل حادث الروضة، فلجأت إلي إثارة التداعيات الجانبية لرد الفعل باستخدام القوة الغاشمة علي المدنيين، متجاهلة أن الجيش المصري وهو يواجه الإرهاب ملتزم تمام الالتزام بألا تطول المعركة المدنيين، ولا يوجد هناك من يشك في أن ذلك الالتزام هو ما كبل الجيش وقوات الأمن وأطال عمر المعركة.

«الجارديان» باختصار تحاول أن تدين الجيش المصري بجريمة تتخيل أو تتمني أن تحدث، بينما تغافلت عن إدانة جريمة ضد الإنسانية ارتكبها الإرهابيون بالفعل، نتج عنها استشهاد 305، وإصابة 130 آخرين مسالمين لم يرتكبوا جريمة، سوي أنهم كانوا يؤدون الصلاة، في انتهاك واضح لحقين من حقوق الإنسان، وهما الحق في الحياة، والحق في ممارسة الشعائر الدينية، كما ورد في المادتين 3 و18 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان.

جريمة »الجارديان«، التي يجب علي الجميع إدانتها، وليس مصر فقط، هي أنها تدعو للرفق بالإرهاب وتتخوف عليه من استخدام القوة الغاشمة، بينما العالم يحشد كل قواه وأسلحته لاجتثاث الإرهاب من جذوره، ويعقد لأجل ذلك التحالفات الدولية والإقليمية. فهل أدانت »الجارديان« ما قامت به الولايات المتحدة منذ عام 2001 وما تقوم به الآن ومعها فرنسا وبريطانيا والعديد من الدول لمحاربة إرهاب داعش الذي ضرب تلك الدول في عقر دارها؟

«الجارديان» كما قال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية «مثال سييء للتأطير السلبي الذي تعانيه بعض الأقلام الغربية، المشكلة هي التطرف والإرهاب، وعليهم أن يدركوا ذلك». وإذا كان منفذو العملية الإرهابية ببئر العبد قد قدموا بها أوراق اعتمادهم كأكثر جماعة إرهابية متوحشة بما يوجب احتكارها التمويل من الدول الراعية للإرهاب، فإن «الجارديان» تستحق هي الأخري مثل ذلك التمويل، باعتبارها أفضل «بوق» يدافع عن الإرهابيين ويحنو عليهم! ومن يدري فربما تطالبنا «الجارديان» غدا بالاعتذار للإرهاب، وبأن نصلي معها من أجله!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف