كل مدينة في العالم لها من التراث القديم أو المباني الحديثة ما تفتخر به وسط أقرانها من المدن.. ولموسكو كل الحق في الافتخار بما بدأت في انجازه في عام 1935.. حيث افتتحت الفرع الأول لواحد من أفضل أنظمة قطارات السكك الحديدية تحت الأرض في العالم.. والتى أصبح يطلق عليها فيما بعد "مترو موسكو"
الحكمة تقول: "ليس من رأي بعينيه كمن سمع بأذنيه".. وقد سمعت عن روعة مترو موسكو لكن الحقيقة أجمل عشرات المرات عندما شاهدته بنفسي.. فقد كنت فى زيارة للعاصمة الروسية موسكو لمهمة عمل صحفية.. استخدمت فيها المترو عبر تنقلاتي ووجدته أجمل مما قيل عنه.
ولكي لا أكون كمن يسرد ملاحظات ومشاهدات عابرة وانطباعات قد يصيبها الانبهار والمزايدة.. رجعت إلي المراجع للتعريف بهذه الشبكة العملاقة من المحطات والقطارات وخطوط السكك الحديدية.
ففي عام 1935 كان أول نظام للسكك الحديدية تحت الأرض في الاتحاد السوفياتي وبدأ بأربع محطات.. ثم تطور ليصبح لديه 12 خطا بعدد محطات يصل إلي 200 محطة، وفي بعض الأحيان تقع هذه المحطات على عمق 60 مترا تحت سطح الأرض.
أراد الاتحاد السوفييتي السابق أن يكون هذا المترو تجسيدا للتفوق الروسي المعماري المميز.. فحول كل محطة من محطاته إلي قصور حقيقية تحت الارض مع جدران من الرخام والفسيفساء والتماثيل البرونزية.
وعبر سنين طويلة تطور مترو موسكو ليكون أيقونة العاصمة الروسية، والآن أصبح هناك نحو 200 محطة تزيد باستمرار.. وأطوال تصل إلي 333 كيلومتر تحت الأرض وأخري عالية فوق الجسور ليخدم نحو 7 ملايين راكب يومياً.. وليحل في المرتبة الثانية عالميا بعد مترو طوكيو.
وهناك تحد جديد سيواجه مترو موسكو.. ألا وهو تطوير شكل القطارات ومواكبتها للحداثة قبل انطلاق بطولة كأس العالم في منتصف العام المقبل 2018.. رغبة في تأكيد تفوق الدب الروسي.
المترو بحق أيقونة موسكو.. فكل تفصيلة في كل محطة من محطاته تبدو كأنها وضعت بعناية فائقة.. ولأن كل محطة تحمل شكلا معماريا مميزا فلا يمكن أن تخطئ العين هذا الجمال... حتي المحطات الحديثة والتي بنيت منذ سنوات قليلة لها طابعها الخاص الحديث.
أما أجمل ما في مترو موسكو من وجهة نظري هوه بساطة الفكرة الهندسية التى قام عليها.. وهي 3 أنابيب متوازية من الأنفاق تحت الأرض.. ويكون النفق الأوسط أعرض وأوسع.. ليكون للمشاة والتنقل من اتجاه إلي أخر عكسي له.. بينما يمر القطاران على الجانبين وفي النفقين الأول والثالث.
هذه الفكرة الهندسية غير الفكرة المنفذة في مترو القاهرة.. فبدلا من شق نفق كبير وضخم في المنتصف يمر فيه القطاران متجاورين ويكون لدينا رصيفين ولا يستطيع الراكب الانتقال من رصيف إلي آخر.. حلت الفكرة الهندسية الروسية منذ عام 1935 مشكلات كثيرة ووفرت رصيف واحد للقطارين وقللت حجم الانفاق وأبدعت في مترو أصبح أيقونة للعالم لا لموسكو وحدها