انتفض صديقى واقفا بعد ان ألقى نظرة على ساعته و هم بالانصراف مسرعا مما دفعنى لسؤاله : - على فين ؟!
أجاب مبتسما : سأذهب إلى آلة الزمن
سألته و الفضول يعترينى : آلة الزمن ؟! يعنى ايه؟
فقال : تحب تجرب ؟
قلت : يا ريت
فجذبنى من يدى ليساعدنى على النهوض بسبب خشونة الركب بعد أن اثقلتها الهموم التى باتت تقيم بشكل دائم على اكتافى
تركنا المقهى الذى كنا به فى منطقة وسط البلد و سرنا مشيا على الأقدام و انا كلى تشوق للدخول إلى آلة الزمن حتى وصلنا إلى مبنى مدرستنا التى قضينا فيها اجمل أيام الطفولة البريئة و بدايات المراهقة الشقية .... نظر لى و كأنه يراقب رد فعلى قائلا : تحب ندخل ؟
دخلنا ، و تجولنا ، و كأنى أرى نفسى صغيرا ، ألهو فى حوش المدرسة مع زملائى ثم صعدنا إلى الفصول و وجدتنى أتوجه إلى فصلى الذى قضيت فيه آخر سنة دراسية بالمدرسة ثم فوجئت بمدرس اللغة العربية ، الأستاذ فرغلى يقف امامى و قد اشتعل رأسه شيبا ، فامسكت يده و قبلتها دون وعى ، فقال مبتسما و قد تجاوز دهشته ( انت اكيد واحد من اولادى ).
تركنا المدرسة و واصلنا سيرنا فى دروب وسط البلد حتى توقفنا أمام احد المطاعم الذى اعتدنا ان نتناول فيه اجمل رغيف حواوشى منذ أيام الجامعة ، و بدون تردد دخلنا و أكلنا و نحن نستعيد طعم زمان .
طلبت من صديقى ان نذهب الى شارع نوبار ، أشهر شارع فى باب اللوق ، توقفت أمام إحدى العمارات و تسمرت اقدامى و انا أرى شريط طفولتى و شبابى على مدخل العمارة ، سالنى صديقى عن هذا المكان فقلت و قد فرت دمعة من طرف عينى :
- ده بيت عمى ، انا متربى فى البيت ده ، عمرى كله فى المنطقة دى .
افقت من شرودى وسألت صديقى : فين يا عم آلة الزمن بتاعتك دى ؟
فابتسم قائلا : ما انت دخلتها خلاص.
قلت : هى فين دى ؟
قال : المدرسة ، مطعم الحواوشى ، بيت عمك ، شارع نوبار ، ،،،، هى دى آلة الزمن ، انا كل ما اشعر بقسوة الأيام على اعصابى ، اسيب كل حاجة ، و ادخل آلة الزمن ، اسافر فى الماضى و اعيش مع ذكريات أيامى الحلوة ، بالمناسبة ، أخبار ركبتك ايه ؟ لسة فيها خشونة ؟
قلت و انا ابتسم له شاكرا و قد تنبهت إلى أننا سرنا عشرات الكيلومترات :
لا ،،،، الخشونة اختفت !!!