الجمهورية
بسيونى الحلوانى
لوجه الله - واجب المصريين .. تجاه أهالي الروضة
لا يكفي أن يوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بتطوير منطقة بئر العبد وتحسين الخدمات والمرافق في قرية الروضة التي شهدت أبشع جريمة إرهابية عرفتها مصر طوال تاريخها.. فالمصريون جميعا مدانون لأهل هذه المنطقة المحرومة من معظم الخدمات الأساسية ومدانون لأهل قرية الروضة الذين دفعوا ثمنا باهظا دفاعا عن وطنيتهم وشرف الدولة المصرية نيابة عن المصريين جميعا.
ستنفذ الحكومة بالتأكيد ما طلبه الرئيس وبالسرعة المطلوبة.. لكننا نحن الشعب لا ينبغي أن نكتفي بمشاعر الألم والحسرة وتناقل صور الجريمة المؤلمة عبر صفحاتنا علي مواقع التواصل الاجتماعي.. بل ينبغي أن تتحرك كل فئات المجتمع لرفع المعاناة النفسية قبل المعيشية عن هؤلاء المنكوبين الذين فقدوا أعز ما يملكون من أزواج وأبناء وآباء وأشقاء ويعيشون ظروفا نفسية قاسية للغاية لا تكفي المساعدات المالية والإغاثية لتخفيف معاناتهم.. فهم أناس شرفاء مكافحون تعودوا أن يعيشوا من كد وعرق رجالهم الذين فقدوهم ولا تعوضهم عنهم أموال الدنيا كلها.
*****
أقول وأؤكد.. لا تكفي المساعدات الإنسانية ولا مشاعر الحزن والألم المتدفقة علي مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام للتخفيف من معاناة هؤلاء.. بل لابد أن تبادر كل مؤسسات المجتمع الدينية والثقافية والتعليمية ومؤسسات المجتمع المدني لترتيب زيارات عاجلة لقرية الروضة وقضاء بعض الوقت مع أهلها لعدة شهور قادمة بعد تحويل مقابر الشهداء الجماعية بها الي مزارات لطلاب الجامعات والمدراس ومؤسسات المجتمع حتي نستطيع أن نخفف عن أهالي القرية بعض معاناتهم النفسية.
أطفال قرية الروضة الذين شاهدوا المذبحة يعيشون في كابوس كبير سيؤثر حتما علي حالتهم النفسية طوال حياتهم خاصة الذين فقدوا آباءهم في المذبحة.. وهؤلاء الأطفال ومعهم نساء القرية اللاتي ترملن وفقدن أزواجهم مع أبنائهم ينبغي أن يكون هدفا لأطباء النفس في الجامعات المصرية من خلال زيارات متكررة لهم والعيش معهم بعض الوقت وعلاجهم نفسيا حتي ولو استدعي الأمر استضافتهن في معسكرات ترفيهية في مدن أخري بعيدا عن مسرح الجريمة.
****
لا يكفي أن يعلن إمام مسجد الروضة الذي نجا من المذبحة العودة الي مسجده وأداء صلاة الجمعة اليوم به.. بل ينبغي أن تتدفق كل القيادات الدينية في مصر وفي مقدمتهم الامام الأكبر شيخ الأزهر علي القرية لأداء صلاة الجمعة مع أهالي القرية وزيارتهم في منازلهم بعد الصلاة وتقديم واجب العزاء لهم.. فهذه أقل مشاركة يقوم بها علماء الأزهر والأوقاف والافتاء لمساندة أهالي القرية المنكوبين وإعلان حالة تضامن تتناسب مع بشاعة الجريمة التي تعرض لها هؤلاء.
أيضا.. رجال الأعمال الذين يتسابقون في الشو الإعلامي والمتاجرة بهمومنا ومشكلاتنا في كل المواقف أين هم من هذه الجريمة؟ وأين أموالهم التي يجمعوها من الاتجار في قوت المصريين؟.. أين أصحاب المليارات الذين لا ينشغلون إلا بتضخيم أرقام حساباتهم في البنوك ونهب المزيد من أراضي وممتلكات الدولة؟
صحيح أن الحكومة لن تنتظر مساهمات وتبرعات هؤلاء وستقوم بتلبية مطالب أهالي المنطقة بقدر ما تستطيع.. لكن أصحاب المليارات والملايين وهؤلاء الذين يتفاخرون بمشروعاتهم الضخمة وينفقون أموالهم علي مظاهر العبث والفوضي سيكتفون بالفرجة كالعادة ولا يريدون التعلم من رجال الأعمال اليهود في العالم الذين تتدفق أموالهم علي كل من هو في حاجة الي المال في إسرائيل.
نجوم الفن والرياضة ينبغي أن يبادروا بتنظيم زيارات متتالية الي قرية الروضة وقضاء بعض الوقت مع أهلها لمساعدتهم علي تجاوز ما شاهدوه واحتساب من فقدوه عند الله.. فهؤلاء عليهم واجب إنساني اجتماعي وطني ينبغي أن يظهر بوضوح في مثل هذه الأحداث الجسام.
*****
أتمني أن يبادر الامام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر بقرار سريع من صندوق الزكاة والصدقات المصري بكفالة كل أبناء الشهداء وتخصيص رواتب شهرية لهم ولأرامل الشهداء توفر لهم حياة كريمة خاصة وأن الصندوق ينفق مبالغ كبيرة علي أوجه الخير في مجالات متعددة وهؤلاء أولي بالرعاية. ولا ينبغي أن تكون رعاية مؤقتة.. بل رعاية دائمة تتناسب مع حجم تضحيات أهالي القرية الذين دفعوا ثمنا باهظا لوطنيتهم ومقاومتهم للارهابيين.
طلب أخير من وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة وهو ضرورة أن يتحول مسجد قرية الروضة الذي شهد المذبحة الي صرح إسلامي كبير وأن يتحول اسمه الي "مسجد الشهداء" ويضم كل الخدمات الاجتماعية والصحية والأسرية التي تشرف عليها الأوقاف وتنفق عليها بسخاء.. فمن الواضح أن هذا المسجد يحمل ذكريات أليمة لكل أهالي القرية وتجاوز هذه الذكريات لن يتم إلا بتحويله الي صرح إسلامي عملاق والوزارة تمتلك الامكانات التي تمكنها من ذلك.. وننتظر من الوزير أن يبادر ويسابق الزمن لتحقيق هذا الانجاز المهم.
****
الارهاب لن يكسرنا علي الاطلاق وهؤلاء المجرمون الذين ارتكبوا هذه الجريمة النكراء واستباحوا دماء الأبرياء في بيت من بيوت الله يجب أن يكونوا عبرة لمن يعتبر والمصريون جميعا ينتظرون الثأر للشهداء الأبرار.. ثأرا يشفي صدور نفوس شعب يتألم ومشحون بالغضب ويسيطر عليه الحزن والأسي طوال الوقت ويتطلع الي رد حاسم ورادع واستئصال هذه الجماعات من فوق أرض مصر.. ولن يتحقق ذلك إلا إذا قام الشعب بواجبه في مواجهة جماعات الإجرام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف