عباس الطرابيلى
هموم مصرية انتخابات: كله يُرزق!
انتهت، أو كادت، انتخابات النوادي في مصر.. ورغم عنف ومعارك نوادي القمة من أهلي وزمالك وصيد وجزيرة.. إلا أن عدوي هذه المعارك امتدت إلي كل مدينة بل وشركة يوجد فيها أحد الأندية، وأصبحت هذه الانتخابات- في بحري والصعيد- هي حديث الناس، في المقاهي، والشوارع.. والمصالح الحكومية.. والشركات التي تمتلك بعض هذه النوادي، مثل نوادي البترول والمقاولات والداخلية.. وأيضاً القوات المسلحة، ووصلت آثار هذه المعارك إلي نوادي الأقاليم، أو كما كان عميد النقاد الرياضيين الراحل نجيب المستكاوي يطلق عليهم وعليها: دوري المظاليم.. وأشعلت هذه الانتخابات الحزازات والمشاكل حتي في القري، أو المدن صغيرها قبل كبيرها.
وواضح- انه في ظل غياب معارك انتخابية حقيقية- أن المصريين باتوا من عشاق المعارك الانتخابية، فإذا لم تكن هناك انتخابات برلمانية فعلية وفاعلة.. فلماذا لا يتصارع الناس علي مقاعد مجالس إدارات النوادي؟.. وبالمناسبة كانت زمان هناك معارك انتخابات البلديات.. إذ كان النظام أيام الملكية يسمح بانتخاب عدد من أعضاء المجالس البلدية.. ربما لصلة هذه البلديات بما يقدم للناس من خدمات وكذلك عرفنا- زمان أيضاً- انتخابات الغرف التجارية.. وكانت أيضاً لها «شنة ورنة» لِمَ لا وكان من ينتخب أيامها رئيساً للغرفة كان يحمل لقب: شاه بندر التجار، أي رئيسهم.
<< وفي كل انتخابات ينجح من ينفق أكثر الآن.. وليس من يقدم خدمات أكثر لأهل الطائفة.. سواء في التجارة أو الصناعة.. أو في النقابة.. وصولاً إلي البرلمان.. وما أدراك ما عضوية هذا البرلمان، وعرفنا كم من الطامعين باع أراضيه من أجل هذه المقاعد.. ووجاهة هذه المناصب.
وإذا قيل- زمان- مصائب قوم عند قوم فوائد.. فإن ما يخسره المرشحون من مال وغيره.. كان يفوز به بعض حواريي المرشح أي رجاله.. وبعض من يتربحون من ترشحه.. بداية- زمان- من صنع اللافتات ثم المنشورات والحملات الدعائية من خطاطين ومطابع وميكروفونات.. وكهربائية لزوم تعليق اللمبات الكهربية.. وأيضاً أصحاب «الفراشات» أي من يتعهدون بإقامة أماكن هذه الحملات من سرادقات وتوابعها.. وكراسيها وسجادها.
<< الآن أصبحت «الميديا» أي شركات الاعلانات والمحطات التليفزيونية هي سيدة الموقف، بل نجد الآن «شركات متخصصة» في إدارة الحملات الانتخابية.. وأقصد المعارك الانتخابية.. بل وإدارة «المقالب» وإطلاق الشائعات القاتلة أحياناً.. وغير الأخلاقية أحياناً أخري.. وهدفها كلها «تكسير عظام» الخصم.. و«مصمصته» أي سحب أكبر نصيب من الأموال منه حتي عرفنا شركات تنظيم الحملات وهذه أخذناها عن الدول الغربية، التي تتسابق لاحتلال أفضل الأماكن لتركيب «البانارات» المصورة والملونة علي الكباري والميادين وأعلي العمارات.
<< تري كم أنفقنا علي هذه الانتخابات الأخيرة.. من اعلانات بالصفحات الدائمة في الصحف ومن شراء دقائق عديدة في المحطات التليفزيونية وما أكثرها ومن استغلال «المحمول» لإرسال الدعايات المختلفة تصل إلي الأعضاء وإلي من ليسوا أعضاء.
ثم بعد ذلك لا نصدق القول: مصائب قوم عند قوم فوائد.
<< وربما ذلك كله بسبب غياب معارك انتخابية حقيقية علي المستوي السياسي للدولة.
وكله.. يُرزق!