محمود عابدين
شباب مُغرر به وآباء لا حول لهم ولا قوة
بعد أن حكمت علىّ الظروف وجلست - صدفة- بجوار زوج وزوجته وابنهما الشاب الجامعى المغرر به من جماعات الغدر والخيانة فى قطار القاهرة- المنصورة.. استفزتنى جدا كلمات الشاب مع والديه عن جريمة مسجد الروضة بالعريش.
فى الحقيقة.. حاول الأب والأم إقناع ابنهما بإدانة هؤلاء المجرمين، الذين ارتكبوا هذه الجريمة غير الإنسانية وغير الأخلاقية.. لكن الشاب لم يقتنع بكلام والديه.. وظل متمسكًا برأيه بأن «الدواعش مجاهدون يقتصون لإخوانهم الذين قتلوا على يد الجيش والشرطة فى «رابعة والنهضة وسيناء و...»!!.
حينها استأذنت الأبوين أن أتدخل فى الحديث فلم يمانعا.. فطرحت على الشاب سؤالًا: هل الأديان السماوية الثلاثة تأمر بقتل الأبرياء؟.. فصعقت حينما باغتنى الشاب بهجوم لفظى غير مبرر من نوعية: «هو فيه حد طلب من حضرتك تتدخل فى حوار خاص جدًا بين أفراد أسرة»؟!.. فقلت له: «أنت مثل ابنى وقد استأذنت والديك فى الحديث معك.. وقبل أن أستكمل كلامى مع الشاب قال لى: «من فضلك انتهى الكلام معك».. بعد ذلك ترك مكانه وظل واقفًا طوال الطريق على باب القطار.. تارة ينظر إلى السماء وأخرى ينظر لى ولوالديه نظرات عداء غريبة.
مثل هذه النوعية من فلذات أكبادنا ومن يسقونهم هذه السموم تجدهم لا يكلون أو يملون من سرد مساوئ الفترة الحالية مع تغليظ الأيمان بأنهم ليسوا إخوانًا ولا صلة لهم بالإخوان لا من قريب أو بعيد.. وأن كل ما يهمهم – كمصريين- هو مصلحة مصر ليس إلا!!.. تسمعهم يحدثونك- مثلا- عن ارتفاع الأسعار.. وعن الفساد المستشرى هنا وهناك.. وعن المشاريع القومية العملاقة بأنها مشاريع «وهمية».. وعن إنجازات الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«أنصار بيت المقدس» وضد دول المنطقة.. وفى ذات الوقت يصفون لك مستقبل مصر بأنه «مظلم» دون أن يذكروا الإنجازات التى تمت وتتم على أرض الواقع منذ ثورة ٣٠ يونيو المجيدة وحتى الآن.. كما ألاحظ فى كلامهم تشابهًا وتنسيقًا غريبًا فى الصيغة والأسلوب.. وكأن من يُلقنهم هذا العبث هو شخص أو جماعة بعينها!!.
عندئذ سألت نفسى: لماذا يكرهون وطنهم إلى هذه الدرجة؟.. ومن الذى زرع فى عقولهم وبث فى آذانهم هذه السموم؟.. وهل حقًا مثل هؤلاء يخافون على مصر وعلى استقرارها أم أنهم يريدونها خرابًا ودمارًا تنعق فيها الغربان والبوم لتكون بعد ذلك مأوى لمصاصى الدماء وأمراء الحروب من تُجار الدين؟.. وجاءتنى الإجابة عندما تذكرت كلام محمد مهدى عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان، عندما قال: «طز فى مصر.. وأبو مصر.. واللى فى مصر».
ما سبق كان قليلا من كثير فى أدبيات «الإخوان» عن الوطن الغالى.. وهذا ما أكدته فى مقال سابق.. يعنى بصريح العبارة.. مصر، شعبًا وأرضًا، لا تهم الجماعة ولا محبيها ومشتاقيها وعبيدها وخُدامها فى شىء لا من قريب أو من بعيد.