هذه الرسالة وصلتني أمس ، وأنشرها بنصها كما وردت ، ففيها من الوضوح والحزن ما يكفي :
الأستاذ جمال سلطان: أكتب إليك هذه المرة ، رسالة ليست بالمقال العلمي الصحفي،كما عهدتني،وإنما هي رسالة إنسانية،أسأل الله أن تمر علي قلبك الذي في صدرك،كما مرت علي.إنها رسالة لا تختلف عن الأوضاع الموجعة في بلدنا،اخترتك انت لنشرها،لآدميتك،وإنسانيتك،وضميرك الحي،الذي عايشته طوال سنوات من متابعتي لكتاباتك.كما أنك وبما تمتلكه من جريدة،ذات لسان ذائع الصيت،وذات مصداقية لدي معظم من يمسكون بزمام الأمور،أحسب،وأسأل الله أن يكون في نشرك لها راحة لقلوب أسرة مكلومة،تائهة،ضائعة،تعيسة،محسورة،تموت كل يوم من شتات الفكر،وقلة الحيلة،جاءت إلي برسالتها،لعلها تجد صوتاً يبلغ حسرتها،لا إلي القابضين علي زمام الأمور والمسئولية في بلدنا فحسب ،بل إلي أصحاب الإنسانية في كل مكان يتابع جريدتك بشكل عام،ويتابع مقالاتك بشكل خاص،لعل ذلك يمثل وسيلة،وضغطاً للخلاص من هذا التيه،قبل أن نفيق علي كارثة.
والرسالة المآساة يا صديقي هي:
في يوم السادس عشر من شهر اكتوبر،2017م،تم اختطاف زوجة أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالبحيرة،وأحد بناته الأربع،من محل إقامتهم،بمدينة دمنهور،وتم اقتيادهما إلي صحراء العاشر بمدينة نصر.أما الأب،فاسمه/ماهر حزيمة،أحد أعضاء جماعة الإخوان،وكان قد تم اعتقاله مذ 2013م.وأما ابنته المختطفة،فاسمها/ سمية ماهر حزيمة،خريجة كلية علوم الاسكندرية،2015م،ذات الخمس وعشرين سنة،اختطفت لا لسبب،وإنما لكونها ابنة أبيها. اختطفت مع والدتها في اليوم المذكور،وتم اقتيادهما إلي مدينة نصر،وهناك،تركوا والدتها في صحراء العاشر،واخذوا الابنة،والمرارة ياصديقي أن أهلها وإلي اللحظة التي أنقل رسالتهم إليك،لم يعرفوا ثمة معلومة عنها،أين هي؟ وكيف هي؟ أما تزال علي قيد الحياة ؟ أم لا قدر الله قد نابها مكروه ؟والمؤلم،أنها فقيدة الأخ،إذ لا أخ لها يجوب المراكز،والأقسام،ليسأل عنها،ويتنقل هنا،وهناك،يتحسس من أخته، فلا أحد سوي أمها،وخطيبها،ثم ثلاثة أخر من البنات،هن أخواتها.
لا تزال الأم،والأخوات في كرب،وبلاء،في ضنك من العيش،في مرارة من الألم.أصدقك القول،وقد خاب من افتري،أن غصة الحلقوم منهم، دموع الحيرة،وأن نظرات العين منهم،آهات المكلوم علي ابنة لهم،لا تملك حيال أمرها من شيئ.ليته ولد،فيكون الأمر هيناً.
أسألك نشر رسالتهم هذه،إن أردت كما هي،وإن ارتأيت بأسلوبك فلا ضير،علها تجد من يسمع،أو يستجيب. سلهم فقط أين سمية ؟ وكيف هي ؟ فقط تريد أمها أن تعرف مكانها،حتي تقر عينها،ولا تحزن. بأعلي صوت ياصديقي بلغ رسالتهم، وسلهم أين هي ؟لقد استنفدوا في معرفة أي مكان لها كل السبل،من شكاوي للداخلية،وللنائب العام،والقومي لحقول المرأة، لله،ثم لللإنسانية،وأنت أب،أوقن أنك عشت مآساتهم،كمعيشتك غيرها،من أمثالها،سلهم قبل فوات الآوان سلهم علنا نبرأ ساحتنا أمام الله ،فأضعف الإيمان،أننا لانملك لتلك المأساة سوي النشر عنها،.أسأل الله لك التوفيق والسداد،والقبول في الدارين.
انتهت الرسالة ، ولم تنته الأوجاع التي خلفتها .