إذا كانت شركات العلاقات العامة في أوروبا وأمريكا تتقاضي مبالغ طائلة من الدول التي تلجأ إليها لتحسين الصورة أو تشويهها حسب ما تطلبه ووفقاً للغرض الذي تريد أن تحققه من خلال استخدام أساليب الدعاية وتوجيهها صوب الهدف. وتصنيع صور ذهنية مزيفة أو جميلة حسب المطلوب فإن القوة الناعمة التي تملكها الدول بإمكانها أن تلعب دوراً مشابهاً وإن تم ذلك بأسلوب منافي تماماً وذلك من خلال المؤتمرات الدولية والمهرجانات الفنية جيدة الاعداد والتنظيم.
ولكن حتي القوة الناعمة تحتاج إلي تكلفة عالية واعداد ولكنها تصبح سلاحاً ضرورياً جداً في حالات المواجهة ومع وجود قوي معادية متربصة لا تتواني عن استخدام جميع الوسائل للنيل ممن تعتبرهم أعداءها.
أقول ذلك بمناسبة التأثير الإيجابي القوي لحفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 39 والذي حضره ثلاثة نجوم أمريكيون من الوزن الثقيل والتأثير العالمي الكبير وهم نيكولاس كيدج وهيلاري سوانك وادريان أودي.. فلا شك أن وجود الثلاثة من شأنه أن يبث للعالم رسائل إيجابية تتصدي للدعايات المناهضة التي تبثها أدوات الدعاية الفاسدة للجماعة الارهابية التي تمولها وتغدق عليها بسخاء دول معادية لمصر.
لقد وقف النجوم الثلاثة في قاعة الاحتفالات الأنيقة فعلاً "المنارة" وقد بدا عليهم التأثر عندما صعد كل منهم ليقول كلمة قصيرة للجمهور في الصالة بعد أن علموا بالضرورة بردود الفعل ومشاعر الحزن التي لونت الكلمات التي تذكر بالحادث الارهابي البشع الذي أودي بحياة عشرات المصلين في مسجد الروضة بالعريش وتطالب الحاضرين بدقيقة حداد علي روح الراحلة شادية وصورها التي زينت المسرح.
لقد امتلأت الصحف المحلية والعربية والعالمية بصور النجوم الأمريكيين وبثت كلماتهم المتعاطفة مع الحوادث المأساوية وقد حرص كل منهم علي أن ينطق بتحية السلام وبلغة عربية.
وأعتقد أن الكلمة الحماسية التي ألقاها نيكولاس كيدج بطل العديد من الأفلام التي جعلته قريباً من الجمهور المصري العاشق لأفلام الحركة والإثارة الأمريكية. أعتقد أنها أحدثت مفعول السحر. والمعروف أن كيدج سبق له زيارة مصر بدعوة من مهرجان القاهرة أيضاً.
أيضاً كلمة ادريان أودي الذي اصطحب والديه في هذه الزيارة وكانا ضمن الحاضرين في الحفل وكذلك بدت هيلاري سوانك بطلتها المريحة وجمالها الهاديء بمنتهي المودة في كلمتها.. والثلاثة من الكبار الذين يوصفون بأنهم نجوم يمكن للبنوك أن تضمن أفلامهم لأنهم نجوم سوبر وفوق مستوي العادة.
وفي ذكاء ولباقة لافتة أشار نيكولاس كيدج إلي التشابه بين الحوادث الارهابية في أمريكا وبالتحديد في مدينة لاس فيجاس عندما حصد أحد الارهابيين أرواح عشرات المواطنين أثناء احتفالهم في احدي ساحات مدينة البهجة والمال. وبين ما جري للمصلين في مسجد الروضة في العريش مندداً بالارهاب ويؤكد اصراره علي الحضور إلي القاهرة وبلا خوف.
الأمريكيون الثلاثة داخل قاعة الاحتفالات وفي أثناء رحلتهم إلي الأهرامات شكلوا حدثا هاما ومثيرا علي المستويين الإعلامي والجماهيري وكانوا من أفضل الرسائل التي يمكن أن تتحقق من خلال احتفالية فنية تستضيف فيها عشرات الضيوف الأجانب.
وأيا كانت تكلفة استضافتهم والاستعدادات الأمنية التي تحافظ علي سلامتهم. إلي جانب الحفاوة وكرم الضيافة والروح الودودة جداً التي غمرتهم بالدفء وجعلتهم يشعرون بجوهر هذا الشعب الذي لا يستحق ابداً ما يصيبه ويصيب أبناءه بسبب الارهاب.