الوفد
هبة عبد العزيز
سطور - لكل منا إطار
لكل منا إطار، وهذا الإطار قد يكون جامداً عند إنسان، مرناً عند آخر، مددوج عند ثالث، غير متجانس «لا وحدة ولا ترابط بين أجزائه» عند رابع، شفافاً عند رابع، معتماً عند خامس، مقبلاً على الحياة محفزاً لمن حوله عند سادس، متقوقعاً على نفسه محبط لمن حوله- بكل أسف- عند سابع، وقد يكون، أو يكون، ويكون.. فكل شىء يتحرك داخل إطار.
ولعلى أرى أن أكثر ما عبر ويعبر عن تلك الأطر النفسية، ويكشف لنا ما وراءها هو كتب المذكرات والسير الذاتية، لذا فقد قررت من حين لآخر أن أنتقى بعض القصص والمواقف والأحداث، من بعض كتب التراجم والاعترافات، لعدد من الشخصيات حملت أطراً وملامح متنوعة، اختلفت مواقفهم من الثقافة، كما اختلفت رحلتهم فى طريق البحث عن الحقيقة، لكل منها جوانبها الوجدانية والأخلاقية، عبروا عن أنفسهم بأنفسهم، ولعلى أظن أن التعبير عندما يجىء بتلك الطريقة ربما يغلب عليه الكثير من الصدق، والتى يعزز لدى هذا النوع من الظن لربما أيضًا أن تلك النوعية من الكتب غالباً ما تكتب فى نهايات العمر بدوافع إنسانية تشتمل على الكثير من النوايا الصافية والحسنة.
وسأحاول جاهدة أن أتخير من تلك السير ما نشعر فيه بنبرة الصدق والأمانة فى السرد، ما هو ملىء بالتأملات الجادة، والملاحظات المثقفة، وما هو ملىء باللمسات الذكية قدر استطاعتى.
وربما كان جدير بى أن أبدأ بكتاب أهداه لى صديقى المشاكس فى أحد لقاءاتنا العام الماضى، وقد وضعته بدرج مكتبى حتى يتسنى لى وقت مناسب للبدء فى قراءته، وحدث أن تراكمت عليه بعض الأوراق، كما غلبنى الانشغال والانخراط فى تفاصيل حياتى المزدحمة غالباً، لذا فلم أعاود بكل أسف البحث عنه لفترة طويلة، ولكن على ما يبدو أنه كان يبحث عنى، إلى أن حدث والتقينا بعد غياب عام من الغياب، فقد كنت أقرأ كتاباً لأستاذي الكبير محمود أمين العالم، وكان يتحدث فيه عن الدكتور زكى نجيب محمود الكاتب والأديب القدير، وصاحب كتاب «قصة نفس» الذى أهداه إياى صديقى المشاكس كما خبرتكم منذ قليل، مما جعلنى أتذكر على الفور تلك الهدية الثمينة، وهرولت إلى درج مكتبى لأفتش عنه، وإذا بى أراه واقعًا على أول ما بى الدرج من أوراق متراكمة مند حوالى عام، وكنت أظن أننى لن أستطيع أن أحصل عليه بسهولة، ولكنه بدا أمامى متجليًا، وكأن كان بيننا موعد، وقبل أن أتساءل: ما بالى لم أره منذ عام وقد أعتدت أن أفتح هدا الدرج عشرات المرات؟، فإذا بورقة من ابنتى مكتوب عليها: أنا آسفة يا مامى لغبطت الدرج... كنت بدور على ورقة فاضية.
وعن كتاب «قصة نفس» للدكتور زكى نجيب محمود لربما سيكون لنا مقال أو أكثر بإذن الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف