نبيل زكى
كلمة السر - الخائفون من هزيمة داعش!
نوايا الولايات المتحدة فيما يتعلق بسوريا لم تكن واضحة، غير أنها الآن تبدو أكثر وضوحا من ذي قبل.
فالمسئولون في البنتاجون يعلنون بصراحة أن داعش منيت بالهزيمة في سوريا، ولكنهم يؤكدون ان الولايات المتحدة تعتزم البقاء في سوريا! وكما هو معلوم، فإن الوجود العسكري الأمريكي هناك غير شرعي، فالكونجرس الأمريكي لم يصدر تفويضا بعمل عسكري في سوريا، رغم ان ذلك ليس من حقه، كما لم تحصل واشنطن علي تفويض بذلك من الأمم المتحدة، ولم تأذن الحكومة السورية للولايات المتحدة باحتلال جزء من أراضيها.
وإذا كان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قد أكد مرارا ان الهدف »الوحيد» للولايات المتحدة في سوريا هو محاربة داعش، فما هو مبرر بقاء الأمريكيين هناك إذا كان الجيش السوري، بدعم من حلفائه، قد حرر أكثر من تسعين في المائة من أراضيه من الكابوس الداعشي؟
يحاول المسئولون الأمريكيون تقديم مبرر لبقاء قواتهم في سوريا، وهو منع ظهور داعش مرة أخري، رغم أن الدعم الأمريكي في السنوات الماضية لم يكن موجها للقوي التي تحارب داعش، بل لداعش ذاتها والمنظمات التابعة لها! وفي أحسن الأحوال فإن هذا الدعم كان موجها لقوي معارضة لداعش ولكنها تسعي إلي تقسيم سوريا!
وتقول صحيفة »واشنطن بوست» الأمريكية إن الولايات المتحدة توسع أهدافها في سوريا لكي تشمل المشاركة في التسوية السياسية لتحقيق أهداف لم تستطع تحقيقها بالوسائل العسكرية. ويقول مسئولون أمريكيون إن الإبقاء علي قوات أمريكية في شمال سوريا (٢٠٠٠ جندي) يستهدف الضغط علي الرئيس السوري لتقديم تنازلات في محادثات جنيف، كما يستهدف منع السيطرة السورية الكاملة علي جميع الأراضي السورية، لأن ذلك يكفل للرئيس بشار الأسد الاستمرار في الحياة السياسية، مما يعني انتصار إيران(!) أي ان أمريكا تريد ان تحتفظ بمساحة من الأراضي لكي لا تستعيدها الحكومة السورية حتي لا تعزز موقفها في محادثات الحل السياسي! وبعبارة أوضح، فإن الأولوية لدي أمريكا ليست محاربة الإرهاب بل تغيير أنظمة الحكم التي لا ترضي عنها، كما كانت تفعل دائما.
الطريف ان مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية اعتادت علي القول بأنها تريد الإطاحة بالأسد لأنه عاجز عن حكم سوريا، والآن تشعر واشنطن بالخوف لأنه سيفعل ذلك!
ولم ينكر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ان القوات الأمريكية لن تغادر سوريا الآن حتي تتأكد من فرض شروطها للحل السياسي. ولذلك يقول نيكوس هيراس، الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد بواشنطن، إن مهمة القوات الأمريكية في سوريا تحولت من الادعاء بمكافحة داعش إلي تنفيذ استراتيجية أوسع للبيت الأبيض تتركز علي مواجهة النفوذ الإيراني! ولذلك لم يعد هناك حد زمني لإنهاء الوجود الأمريكي في سوريا بل ربما يستمر هذا الوجود لسنوات أخري قادمة! وفي الوقت نفسه تحاول واشنطن تقسيم سوريا عبر إقامة ما يسمي بهيئات أو مجالس حكم محلية في المناطق التي تحررت من داعش رغم ان ذلك ليس من مسئوليات قوات الاحتلال الأمريكية.
إسرائيل أيضا في حالة فزع بسبب هزيمة داعش. فقد طلب افيجدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي، زيادة قدرها ١٫٤ مليار دولار في ميزانية القوات المسلحة بسبب »التهديدات الجديدة» علي حدود إسرائيل مع سوريا!!