مؤمن الهباء
شهادة .. ثنائية الفقر والفساد
الفقر والفساد ثنائية متلازمة .. مازاد الفقر واتسعت دائرته إلا بقدر ما زاد الفساد واتسعت دائرته.. هذه هي الحقيقة التي تتبادر إلي ذهنك علي الفور إذا ما قرأت الحوار الشيق للدكتور هاني الحفناوي نائب رئيس مجلس علماء مصر للتخطيط الاستراتيجي الذي نشرته "أخبار اليوم" السبت الماضي.
في هذا الحوار يضئ د. الحفناوي زوايا كثيرة بعيدة ومعتمة في حياتنا.. ويشخص أمراضاً مزمنة تعاني منها لعلنا نفيق. ونبحث عن علاج ناجح لها.. فما احتاج الفقير إلا بقدر ما أخذ الغني فوق حقه.. والأهم من ذلك أن الرجل يكشف أمامنا حقائق يعرفها العالم عنا ربما ولا نعرفها.. ومن هذه الحقائق:
* في عام 2008 كانت نسبة الفقر في مصر 16.3%.. وهم الناس الذين يمتلكون أقل من دولار واحد.. ووقعنا في الأمم المتحدة علي اتفاقية.. واتفق اقتصاديو المنظمات العالمية كلها علي أنه بحلول سنة 2015 ستقل هذه النسبة إلي النصف .. أي 8%.. وعليه فكان لابد من تعيين مسئول عن مؤشر الفساد ومسئول آخر داعم له عن مؤشر الفقر.. وذلك لأنهما من سيحاسبان في حالة تحقيق الهدف أو عدم تحقيقه.. ولكن لم يحدث شئ من هذا.. وكانت فضيحة دولية حيث قفزت نسبة الفقر في مصر في بداية شئ من هذا.. وكانت فضيحة دولية حيث قفزت نسبة الفقر في مصر في بداية 2015 إلي 26%.
* هناك مبدأ مهم في الادارة وهو أن الشئ المراد إدارته لابد من قياسه.. وبالتالي لابد من وضع مؤشر أداء.. فالقضاء علي الفقر يتطلب قياس نسبته وبصفة مستمرة.. واعلان ذلك بكل شفافية.
* مصر ترتيبها في تعليم وتطبيق النظم الإدارية الحديثة في الجهاز الإداري للدولة رقم 144 علي العالم من 144 دولة.. والأخطر أن دولاً من القاع تسبق مصر في الترتيب.. ومنها الصومال وأفغانستان وزيمبابوي.
* القضاء علي الفساد في مصر له اجراءات محددة وحلول بسيطة جدا أولها ضرورة ربط كل التصرفات المالية والعقارية والتحويلات المالية الداخلية والخارجية وحيازات الأراضي الزراعية وغيرها بالرقم القومي.. هذا النظام مطبق في مختلف الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.. ولكن للأسف.
هنا في مصر لا يمكن التعرف علي ثروة كل شخص في البلد.. خاصة المسئولين.. وهو ما تسبب في ضياع الكثير من موارد الدولة.. وإذا تم تطبيق هذا النظام نستطيع القضاء علي ما يزيد علي 90% من الفساد.. ولكن للأسف أباطرة الفساد لن يسمحوا بذلك والدليل علي ذلك أننا مازلنا حتي الآن بعد أكثر من أربع سنوات علي ثورة يناير لا نعرف أي شئ عن ثروة مبارك وأبنائه.
* نحن الآن نتبع سياسة "حرامي لكل يوم" بمعني أنه يتم تقديم حرامي كل يوم كطعم لإلهاء الشعب عن الفساد الذي يسيطر علي البلد.. بدلاً من وضع منظومة متكاملة وفعالة للسيطرة علي الفساد.
* تطبيق الشفافية يلعب دوراً مهماً في القضاء علي الفساد.. بالاضافة إلي منع الاحتكار لتوكيلات استيراد السلع الأساسية مثل اللحوم والقمح والمنتجات البترولية.. مع ضرورة تعديل قرار انشاء البنوك العاملة بمصر لتكون كلها خاضعة للبنك المركزي.. فالمصرف العربي الدولي الذي أصدر مبارك قراراً جمهورياً بانشائه وكان رئيس مجلس ادارته د. عاطف عبيد وجمال مبارك عضو مجلس ادارته.. هذا البنك أخرج ما يزيد علي 15 مليار دولار خارج مصر يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 لأنه رسميا غير خاضع لرقابة البنك المركزي وبالتالي لا يعرف أحد كيف خرجت أو أين ذهبت هذه الأموال.. وبالتالي فإن ذلك يعتبر تقنينا لعملية الفساد في مصر.. ونحتاج الآن إلي قرار جمهوري باخضاع هذا المصرف لرقابة البنك المركزي.
* الدولة يجب ان تتبع أسلوب الحوكمة أو الادارة الرشيدة عن طريق الشفافية أمام الشعب للحكومة والعاملين بالمؤسسات والشركات والهيئات.. وتقييم المسئولين من رئيس الجمهورية والوزراء والمحافظين لأصغر مسئول.. وتطبيق القانون علي الجميع دون استثناء ومشاركة جميع المواطنين في بناء الدولة.
* مصر الآن تحتل المركز الـ 94 من حوالي 177 دولة في التقرير الدولي الذي تصدره مؤسسة الشفافية الدولية.. ولكن هذا المركز انخفض عن العام الماضي حيث كنا نحتل المركز 144 وهذا المؤشر يعبر عن الفساد الاقتصادي والسياسي والاداري .. ولكن للأسف نحن لم نتحرك خطوة واحدة في مواجهة الفساد الاداري أو الاقتصادي.