جلال دويدار
خواطر - يموت الزمّار «وصوابعه» بتلعب!!
رغم أنني ليس لدي علم بالوقت الذي جري فيه التفكير في الترويج لعرض توطين الفلسطينيين في سيناء المصرية. إلا أنني قد أكون عاصرت الوقت الذي أعلن وأكد فيه الرئيس مبارك رفضه لهذا الاقتراح. علي ما اعتقد ان ذلك قد تم بواسطة الرئيس الاسبق »جورج دبليو بوش» الابن خلال زيارة الرئيس للولايات المتحدة عام ٢٠٠٤.
ووفقاً للملابسات التي عشناها في الكواليس بمدينة هيوستن في ولاية دالاس مقر اقامة عائلة بوش الذي تم استضافة الرئيس فيها. دارت مباحثات القمة المصرية الامريكية في جو مشحون بالتوتر والتوجس وعدم التفاؤل.. هذه المحادثات والملابسات والتطورات ومادار فيها كان مثار غضب شديد من الرئيس مبارك. اكتشفنا ذلك عندما كنا في الفندق الذي كان يقيم فيه في انتظار خروجه لاستكمال المحادثات. فوجئنا بابلاغنا بأن الرئيس سوف يلازم جناحه ولن يغادره وبالتالي لن تكون هناك مباحثات.
في ذلك اليوم فهمنا من المحيطين بالرئيس ومنهم المرحوم الرجل العبقري الفلتة الدكتور اسامة الباز انه كان هناك اتفاق حول خطوات متفق عليها لحل المشكلة الفلسطينية. الجانب الامريكي تراجع وعرض اقتراحا مقدما من اسرائيل لتوطين الفلسطينيين في أرض سيناء. حدث ذلك بعد الاعلان ان وصول رئيس وزراء اسرائيل شارون إلي امريكا في نفس الوقت واجتماعه بالرئيس الاسبق بوش. قوبل هذا الاقتراح بالرفض من جانب الرئيس مبارك وفقا لما سمعناه ولمسناه من طبيعة الاجواء المحيطة. تأكدنا من ذلك بعد أن قرر مبارك عدم استكمال المفاوضات الذي كان قد اكد فيها علي ثوابته السياسية المصرية والتزامه بكل القرارات الصادرة عن القمم العربية. ظل الرئيس ملازماً مقر اقامته بالفندق إلي ان غادره مع اعضاء الوفد الذي كنا ضمن اعضائه عائدين إلي القاهرة. ومنذ هذه الزيارة قاطع مبارك الإدارة الامريكية وامتنع بالتالي عن زيارة الولايات المتحدة التي كانت تتم وعلي مدي رئاسته بشكل دوري مرة أو مرتين كل عام.
استمر هذا الموقف الغاضب الذي يؤكد الرفض الكامل لهذه التوجهات الامريكية وهو ما تمثل في استمرار هذه المقاطعة حتي عام ٢٠٠٩ بعد ان انتهت فترة رئاسة بوش. فهمنا انه قد صاحب عرض هذا الاقتراح الامريكي المرفوض التلويح بإمكانية أن يكون ضمن حل شامل لازمة الشرق الاوسط. اذن فإن ماروجت له بريطانيا في وثائقها المشبوهة جاء اعتمادا علي رسالة خيالية لاحد مصادرها وجدث مكانها ضمن المراسلات التي يتم الاحتفاظ بها في الارشيف.
من ناحية أخري فإن الهدف من وراء اثارة هذا الموضوع الذي لااساس له من الصحة هو تشويه رئاسة مصر وجهودها وكفاحها لصالح القضية الفلسطينية. انطلاقا من هذه الحقيقة فإنه ليس خافياً الدور الاستعماري الذي لعبته الصهيونية العالمية وتبنته بريطانيا لصالح اسرائيل. ان ما يشهد علي ذلك اصدارها لوعد بلفور الذي اتخذ قاعدة اساسية لقيام الدولة اليهودية. ليس من توصيف لهذا الدور الذي تقوم به الدولة الاستعمارية العجوز الداهية.. سوي تطبيق المثل الذي يقول: يموت الزمار »وصوابعه» بتلعب.