بينما كان المسلمون يحتفلون الأسبوع الماضي بالمولد النبوي الشريف في مشارق الأرض ومغاربها. كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخوض مشادة كلامية مع رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي حول ما يسميه التطرف الإسلامي في بريطانيا. أصل الحكاية وسبب المشادة أن هناك جماعة في بريطانيا ترفع شعار "بريطانيا أولاً Britaion first" نشرت قبل فترة علي موقعها عبر تويتر أفلام فيديو معادية للمسلمين ورغم مرور وقت طويل علي نشر هذه الأفلام إلا أن الرئيس ترامب قام بإعادة نشرها مما أثار حالة من الغضب في بريطانيا حيث طالب أعضاء في مجلس العموم ترامب بالاعتذار وتدخلت ماي في الأمر قائلة لترامب: "رغم التحالف القائم بين بلدينا إلا أن ذلك لا يمنعني يا سيادة الرئيس من أن أقول لك انك أخطأت بإعادة نشر هذه الأفلام ورد عليها ترامب قائلاً: "لا تهتمي بي ولا تركزي عليَّ.. ركزي علي الإرهاب داخل بلدك".
توقفت كثيراً أمام هذه المشادة الكلامية بين أكبر وأقوي حليفين في الغرب فالولايات المتحدة هي ابنة بريطانيا الكبري وبريطانيا هي الحليف والتابع الأمين حالياً لواشنطن. وتساءلت هل يتحدث الرئيس ترامب عما يسميه الإرهاب الإسلامي كتيك سياسي أم انه يحاول لفت الأنظار بعيداً عن أزمته داخل أمريكا حيث يجري التحقيق مع مستشاره المقال للأمن القومي مايكل فلين الذي اعترف بالكذب علي المحققين بشأن اتصالات حملة ترامب مع روسيا مما يقرب ترامب نفسه من المحاكمة أم ان ترامب يحاول الهروب من فشله في معالجة أزمة صواريخ كوريا الشمالية.
لقد ردد ترامب مراراً وتكراراً علي مسامعنا عبارة: "أعتقد ان الإسلام يكرهنا"
"I think khat islam hotes us"
ولا أعرف كيف يكره دين سماوي عالمي الإنسان وقد أنزله الله من أجل الإنسان ولابد أن ترامب يقصد المسلمين وتلك أيضاً مقولة خاطئة فالشعوب الإسلامية هي الأكثر حباً واعجاباً بأمريكا وحضارتها العظيمة بدليل ان معظم الدول الإسلامية متحالفة مع واشنطن ونهضة أمريكا العلمية قائمة في جزء كبير منها علي جهود علماء مسلمين هاجروا إلي أمريكا.
وبصرف النظر عن موقف الرئيس ترامب من المسلمين فإن ما يعنيني أكثر هو حالة الإسلام في الدول الإسلامية نفسها كيف بلغ التطرف هذا المبلغ بين بعض المسلمين؟
ان المسلمين أصبحوا ـــ في واقع الأمر ـــ عالة علي الإسلام بعد أن كان الإسلام عوناً للمسلمين.. لقد ابتلي الإسلام بظاهرة الخوارج بعد ظاهرة التحكيم بين الإمام علي ومعاوية وانتهي الأمر بمقتل الإمام علي يد أحد الخوارج وهو عبدالرحمن بن ملجم وكان من محفظي القرآن وواحد ممن يحسن اليهم الامام.
والثابت ان التطرف شوه الإسلام ولطخ صورته الناصعة وأدي إلي حدوث مآس للمسلمين في أمريكا وأوروبا وميانمار وابتلي الإسلام أيضاً بما يعرف بالإسلاموية أو الإسلام السياسي ـــ وهو في رأي مفكر كبير مثل جمال حمدان ـــ مرض نفسي وعقلي فلو كان لدي الإسلام السياسي ذرة احساس بالواقع المتدني المتحجر لانتحر.
ان الجماعات المتشددة وباء دوري يصيب العالم الإسلامي في فترات الوهن والضعف السياسي فالتشنج يحدث للجسم عندما يعجز عن المقاومة لذلك لابد من الاستمرار في مواجهة هذه الجماعات ولابد من تسريع وتيرة التحديث والعصرنة وإصلاح التعليم للقضاء علي هذه الجماعات نهائياً.