بوابة الشروق
فؤاد عبد المنعم رياض
سيطرة التعصب الدينى على مختلف مناحى حياة المواطنين فيه القضاء على وحدة مصر ومستقبلها
لم يعد اليوم أى مجال لمواصلة الإذعان للجريمة المرتكبة فى حق الوطن والتى قد تفوق الإرهاب فى خطورتها على وحدة الوطن على المدى الطويل إن لم يكن القصير.

وإذا كانت مؤسسات الدولة ومواطنو مصر جميعا قد اتخذوا موقفا حاسما للقضاء على الإرهاب بجميع الطرق فإنهم مع ذلك غير راغبين فى التخلى عن التمييز بين الفئتين المسلمة والمسيحية على أساس الدين بحيث أصبح هذا التمييز نموسا يحكم الحياة فى مصر حكومة وشعبا.

ودون الدخول فى تفاصيل قد يعلمها الجميع، فإنه لا يخفى مدى تحكم التمييز الدينى فى مختلف مناحى الحياة فى مصر ابتداء من بث التمييز بين الأطفال على أساس الدين من بداية التعليم وإقحام الدين فى صياغة معلومات لا تقوم بأى حال من الأحوال على الدين.

ويسود هذا التمييز فى جميع مراحل التعليم حيث يستفحل الأمر فى مراحل التعليم المتقدمة.

فقد كشفت مراجعة مناهج التعليم فى بعض المؤسسات الدعوة للارهاب بل وقتل غير المسلم، ونرى كذلك أكبر جامعة فى مصر تقصر الدخول فيها على الطلبة المسلمين وذلك رغم أنها تعيش على أموال الضرائب التى يدفعها جميع المواطنين من مسلمين ومسيحيين.

ولا يخفى كذلك قصر العديد من المناصب العليا للدولة على المواطنين المسلمين ووضع سقف لجميع الوظائف يقف عندها المواطن المسيحى. وقد سمحت الدولة كذلك بقيام قضاء منافس لقضاء الدولة فى العديد من أنحاء مصر لا يطبق القانون المصرى وإنما يطبق قواعد عرفية تدين الأقباط لأسباب واهية أو مختلقة.

كذلك لا يتورع الإعلام ومعه فريق لا يستهان به من رجال الدين وخطباء المساجد من الإساءة إلى أصحاب الديانات الأخرى وتكفيرهم رغم علمهم بأن ذلك فى حقيقة الأمر هو تحريض صريح على القتل كما شهدنا وما زلنا نشهد حتى الآن بشكل متزايد منذ عقود.

***

وقد كان الأمل معقودا على أن يظل الفن بمختلف أنواعه وكذلك الرياضة بمنأى عن التمييز الدينى ذلك أنهما أنجع وسيلة لجمع شمل شعب مصر دون تمييز وتنويره، غير أن الواقع يشهد بعكس ذلك، إذ نرى التعصب الدينى يقتحم هذين المجالين أيضا فلا زلنا نشهد عددا ضئيلا من المسيحيين فى مجال التمثيل، وكذلك عدم التطرق لقضايا التمييز بشكل جدى رغم ما لهذا الفن من تأثير إيجابى على مختلف طبقات الشعب من أطفال وكبار. كما لا نرى أى محاربة للتمييز فى مختلف نواحى الإنتاج الفنى الأخرى، ولا يختلف الأمر فى مجال الرياضة، حيث نرى فرق كرة القدم الكبرى فى مصر لا تضم أى مسيحى مصرى وإذا كانت كرة القدم كما نعلم من أهم الرموز التى يفخر بها شعب مصر فى المجال الدولى والداخلى فمن سوء التقدير إن لم يكن من الغباء المتعصب أن نستبعد منها أبناء مصر المسيحيين الذين لا شك من بينهم من قد يصير بطلا لا يرفع رأس الفريق فحسب بل رأس مصر وكل شعبها.

ويحضرنى فى هذا المقام الحدث الشهيرة الذى رواه الكاتب الوطنى الكبير الدكتور عماد جاد «جريدة الوطن بتاريخ 3/12/2017 عن تجربة مريرة لطفل مسيحى مع مدرب حراس مرمى فريق النادى الأهلى. وكان هذا الطفل قد تجاوز التصفيات التمهيدية بأكملها وتم تصعيده إلى التصفيات النهائية. ولما طلب المدرب المشرف من الأطفال المرشحين للتصفيات النهائية تعريف أنفسهم ذكر الطفل المسيحى أن اسمه «مينا» وعرف المدرب أنه مسيحى أمره بصفاقة مغادرة النادى فورا».

***

وواقع الأمر أن هذا الأسلوب لا يشكل خروجا على المألوف إذ إن إدارة النادى، بل المؤسسات الحكومية المعنية ذاتها لم تتحرك لمنع هذا الخرق الدنيء لأبسط حقوق المواطن المصرى فى المساواة وعدم التمييز وعدم الاضطهاد داخل وطنه.

وإذا كان من الثابت أن كل فعل له رد فعل مساو له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه؛ فلا عجب إذا رأينا أبناء مصر المسيحيين يبادرون بدورهم فى تبنى أسلوب الإقصاء لغير المسيحيين والتقوقع على أنفسهم كجماعة مستقلة داخل دولة يسودها التعصب الدينى. وإذا لم تتنبه أجهزة الدولة فضلا عن جميع المواطنين إلى وجوب وضع حد حاسم لهذا السلوك وتركه متحكما فى حياة المصريين فعلى مصر السلام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف