رضا محمد طه
من ظاهرة صوتية إلي ظاهرة تويترية
ماذا كان سوف يقول نزار بعدما قال ناعياً في قصيدته هوامش علي دفتر النكسة "أنعي لكم....كلامنا المثقوب كالاحذية القديمة...جلودنا ميتة الإحساس....أرواحنا تشكو الإفلاس...ونحن مثل قشرة البطيخ تافهون...ونحن جيل الدجل والرقص علي الحبال.." عندما يعلم أن مذيع معروف قال في برنامجه بإحدي الفضائيات داعياً العالم العربي لإرسال غضبهم لترامب عبر الكتابة له في تويتر جملة "القدس عربية وخط أحمر"، حيث-علي حد وصفه-يعيش ويحكم أمريكا به في تويتاته، وذلك من أجل ان يتراجع عن قراره الخاص المزمع أن يعلنه اليوم بشأن نقل السفارة الأمريكية إلي القدس.
لولا الواقع العربي الحالي المحزن والمخزي والذي يدعو للرثاء، لما أقدم الرئيس الأمريكي علي خطوة كتلك التي ينوي تنفيذها، أصبحنا مسباحين وبلا رؤية أو حتي مشروع أوهدف عربي موحد، وتشرذم الكثير من لحمة الأمة العربية، وإنشغلنا في التحزبات والتحالفات التي يشوبها المصالح وتغلب عليها والإملاءات، وأيضاً في قتل بعضنا البعض من أجل زعامات أو غنائم هي محض أوهام، وإبتلعنا الطعم الذي وضعه لنا ولبعض شبابنا -الضال- أعدائنا وتمثل في إلهائنا فيما لا يحركنا خطوة للأمام بل ندور في دوائر مفرغة، غرقنا في مؤامرات زائفة، وإستباح بعض حكامنا الإستبداد منهجاً في حكمهم، وكذلك غرقنا في الفساد والإحتكار بكل صوره، وأصبح شغلنا الشاغل هو "تسمية الأشخاص" وليس الهدف أو الخطط والعمل الجاد، لذا فإننا ننام ونصحو علي المكايدات وتسجيل نقاط علي بعضنا البعض والعالم جميعاً يسعون لمصالحهم ويسعي الحكام لمصالح شعوبهم، ونحن من السذاجة والطيبة بحيث ينطلي علينا أن البعض حينما يضحكون في وجهونا أو يحدثوننا بكلام مدهون بعتقد أنهم صادقون، وهم في الحقيقة ينفذون قرارات تم دراستها والتشاور فيها منذ عقود، وليست وليدة لحظات عابرة او فكرة طارئة، كما يحدث في أوطاننا حيث يعتقد بعض الحكام أن الشعوب من الدرجة التي تتطلب الوصاية عليهم وتسيير أمورهم برؤاهم والتي قد يجافيها المنطق والصواب.