عبد القادر شهيب
شيء من الامل - التنوير لقتل الإرهاب
العمل الإرهابي لا يواجه إلا بعمل أمني أو عسكري، لكن الإرهاب يحتاج لما هو أكثر من ذلك، فمن يمسك السلاح ويطلقه في اتجاه صدورنا لابد أن نواجهه بالطبع بالسلاح أيضا لكي نحافظ علي حياتنا ونحمي أمننا، لكن الذي دفع أي إرهابي لحمل السلاح وتوجيهه إلي صدورنا وإطلاق النار به علينا هو ما تم حشو عقله به من أفكار متطرفة حولته من إنسان طبيعي إلي وحش آدمي يستبيح دماء الآخرين غير من ينتمون لجماعته أو تنظيمه، أو إلي آلة قتل تنطلق للعمل عندما تتلقي الأمور والتعليمات من التنظيم، لذلك نحتاج لكي نقتلع الإرهاب من جذوره كما نقول من أرضنا أن نحمي عقول شبابنا من هذه الأفكار التكفيرية المتطرفة التي تستخدم في حشو عقولهم للتغرير والإيقاع بهم من قبل هذه التنظيمات الإرهابية، حتي تفقد هذه التنظيمات القدرة علي تعويض خسائرها من الأعضاء خلال المواجهات الأمنية والعسكرية، وتجديد شبابها، وهو مازالت تقوم به تلك التنظيمات الإرهابية التي نخوض الآن حربا ضارية ضدها، ولو راجعنا خلال السنوات الأربع الماضية أعداد الإرهابيين الذين تمكنا من تصفيتهم أو الإمساك بهم وإلقاء القبض عليهم سوف نكتشف أنها أعداد كبيرة جدا، مما يعني أن التنظيمات الإرهابية تقوم بتجنيد أعداد من الشباب طوال الوقت، وهذا يؤكده تحليل أعمار من تمت تصفيتهم أو الإمساك بهم من الإرهابيين، حيث إن نحو ثلاثة أرباع عددهم في عام واحد تم تجنيدهم في فترة زمنية لا تزيد علي السنتين فقط.
وإزاء ذلك تأتي أهمية دعوة تصحيح الخطاب الديني لأنها تتيح لنا مواجهة تلك الأفكار المتطرفة والتكفيرية التي تستخدم في التغرير بالشباب وتحويلهم إلي وحوش آدمية تقتل وتدمر وتخرب وتفجر حتي نفسها بدون تردد، غير أن المواجهة الأشمل والأكبر للتطرف الديني الذي أصيب به مجتمعنا منذ عدة عقود لا تقتصر فقط علي تصحيح الخطاب الديني، وإنما تحتاج لعملية تنوير شاملة في المجتمع كله، وهي عملية تتجاوز دور رجال الدين المستنيرين وليشارك معهم المثقفون والمفكرون فيها
وإذا كان المفكرون في أي مجتمع هم جنود أية عملية تنوير في المجتمع، وهم أيضا المبادرون بالدعوة إليها والقيام بها، غير أن هذه العملية مثل العملية الأمنية لكي تنجح تقتضي قيادة الدولة لها والقيام بإدارتها، أي أنه إذا كانت المواجهة الأمنية والعسكرية تتبناها الدولة وتقوم بها فإن المواجهة التنويرية، أي عملية التنوير في المجتمع، يجب أن تتبناها الدولة وترعاها أيضا، لأنها تستهدف نشر القيم الإيجابية في المجتمع، قيم الحق والخير والجمال والعيش المشترك الذي يقوم علي المواطنة والمساواة واحترام الآخر، مع نبذ التعصب والتطرف، وبالتنوير سوف نقتل الإرهاب وليس الإرهابيين فقط ونتخلص من شرور هذا الإرهاب المعولم الذي يلقي دعما إقليميا وعالميا، لأننا بالتنوير سوف نحمي مجتمعنا من كل تطرف ديني أو غير ديني وسوف ننطلق بخطي أكبر في معركة البناء.