محمود سلطان
هل نملك أوراق ضغط لتأديب "ترامب"؟!
هل يملك العرب والمسلمون، أدوات وأوراق قوة، للضغط على ترامب ومعاقبته، وحمله على التراجع عن قراره المهين للعرب والمسلمين والمسيحيين؟!
هذا هو السؤال الذي تتجاهله أنظمة، ولا تتمنى سماعه.. لأنه يضعها أمام اختبار الكرامة والكبرياء الوطني.
قد يكون ترامب غشيمًا، وسيرته الذاتية، ترسم له صورة لرجل بذيء وجهول، ولكنه في النهاية رجل أعمال لا يحترم إلا حسابات السوق.
اعترافه بيهودية القدس، لا ينفع معه، استدعاء عبارات الشجب والإدانة ، من أضابير الأرشيف الرئاسي أو الأميري أو الملكي.. نحن هنا بصدد وقاحة وطيش أمريكي غير مسبوق، وليعلم حكامنا، أنه ليس قرارا حصريا بنزع القدس وإهدائها إلى الكيان الصهيوني وحسب، وإنما ريح عاصف، قد يقتلع أنظمة وينقل الحرائق من بلد عربي لآخر.. طاقة الغضب هنا ستنصرف تلقائيًا إلى كل سلطة ونظام، تقاصر إلى الأرض، وعمل نفسه "مش شايف".
أعرف أن القدس ليست في "دماغ" بعضهم.. ولا يشغل البعض الآخر إلا إطالة عمر البقاء على عروشٍ هشة جماهيريًا، ولا تعيش إلا على التنفس بالرئة الأمريكية.. غير أن قرار ترامب الأخير، قد قطع عنهم الحبل السري.. ما يجعل عروبة القدس شرطا لضمان أمن العروش.. قبل أن تكون مسألة أمن قومي.
الرأي العام يتوقع ما اعتاد عليه: بيانات "سخيفة" والسلطة تراهن على غضب شعبي يشبه قرص الفوار.. سيفور قليلاً من الوقت، ثم يعود إلى الاسترخاء وسماع عمرو دياب وسعد الصغير ومتابعة المسلسلات والانشغال بمباريات الدوري العام.
هذه المرة.. الرهان غير مضمون، فتحت الرماد نار مستعرة، بسبب ما رأيناه رأي العين، من تنامٍ أسطوري لصفقات سلاح بالمليارات، وتعاون أمني واستخباراتي لا نعرف ضوابطه وحدوده والمسافة التي تفصله وتعصمه من التورط في خطط قد تجعل الأمن القومي مكشوفا للأمريكيين وحلفائهم الإسرائيليين.
فرصة الرد على ترامب لم تفت بعد، بين أيدينا أوراق ضغط مؤثرة، وقد تجعله فعلاً يتراجع: غلق مؤقت للسفارات (تخيلوا غلق ما يقرب من 20 سفارة)، حرمان ترامب من صفقات الأسلحة الملياردية.. وقف أي تعاون دبلوماسي أو اقتصادي أو استخباراتي أو أمني.. هذه هي اللغة التي يفهمها ترامب.. أما بيانات الشجب والإدانة في العلن.. واللعب مع ترامب من تحت الطاولة في الخفاء.. فإن لعنة خيانة القدس، ستلاحق الجميع وكل احتمالات تجليات تلك اللعنة مفتوحة ومتوقعة.. وهذه المرة جد لا هزل.