السيد العزاوى
الكلم الطيب - نبي الهدي ورسول الانسانية
ومازلنا في شهر ميلاد نبي الهدي ورسول الانسانية نتأمل المسيرة المحمدية باجوائها العطرة التي تشرق الأنوار من كل جوانبها فقد سعدت أم القري بهذا النبي الأمي الذي ملأ سماءها باخلاقه الكريمة وصبره وقوة تحمله علي إيذاء كفار مكه ووقوفهم في طريق نشر دعوته بكل الوسائل لكن كل ذلك لم يثنه عن المضي في ابلاغ الناس رسالة ربه بكل سعة الصدر ونشر الطمأنينه في قلوب كل من استجاب لدعوته. ولم تصدر منه صلي الله عليه وسلم أي الوان من العداء لهؤلاء الاعداء وانما كان صلي الله عليه وسلم يتجه إلي ربه سبحانه وتعالي طالبا الهداية لهم وكانت دعواته المشهورة التي سجلتها كتب السيرة والتراجم باحرف من نور فقد كان يسأل ربه قائلا بكل رجاء "اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون" ولعل أفضل موقف لهذا الرسول صلي الله عليه وسلم حينما خرج من الطائف حزينا علي عدم استجابة أهلها لدعوته صلي الله عليه وسلم وجاءه في هذه اللحظات أمين وحي السماءجبريل عليه السلام وقال له: يامحمد أن أوامر الله تتضمن ان طبق هذين الجبلين المحيطين بمكه علي أهلها تطيبا لخاطرك ومواساة لك علي هذا الموقف السيء لأهل الطائف لكنه صلي الله عليه وسلم رفض بكل قوة قائلا: دعهم يا أخي ياجبريل لعل الله يخرج من اصلابهم ذرية يعبدون الله.
بعد ان استمع جبريل لهذه الكلمات التي تقطر رحمة وهداية من الرسول الكريم انصرف وهو يردد: "صدق من سماك الرءوف الرحيم" وظل الرسول صلي الله عليه وسلم علي ثباته ووقوفه في وجه اهل الباطل ولم تفتر عزيمته وانما ازداد اصرارا وقوة في نشر دعوته تنفيذا لقول الله تعالي: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" هذا الموقف وغيره من المواقف الخالدة في هذه السيرة العطرة تؤكد مدي صبر النبي صلي الله عليه وسلم ووقوفه لابلاغ رسالة ربه بكل سعة الصدر والثبات ولن نمل من تكرار الاشارة لهذه المواقف لنوضح لعالم اليوم ان الهدي النبوي كان وسيظل علي مدي الايام نموذجا في الهداية والرحمة مؤكدا انه رسول الانسانية مهما تمادي الآخرون في عنادهم ولاغرو فهو رحمة ربنا للناس أجمعين تعاملاته وسلوكياته كانت تجذب أنظار كل الناس حتي المختلفين معه. الابتسامه لاتفارقه وكان الغضب ينتابه عندما يري خروجا علي حدود الله أو اختراق أي قيمة من قيم الدين الحنيف. يمزح ولا يقول إلا صدقا ففي أحد الايام جاءته عجوز وطلبت ان يدعو لها بدخول الجنة. فقال لها: إن الجنة لايدخلها عجوز. فولت السيدة العجوز تبكي خاصة بعدما سمعته يتلو قول الله تعالي "إنا انشأناهن إنشاء فجعلناهن ابكارا. لكن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم لم يتركها وانما بعث لها من يطيب خاطرها ويجعلها تمضي مطمئنة وعندما عرفت السيدة هذه الحقيقة تفهمت دعابة سيد الخلق صلي الله عليه وسلم.
كل تصرفاته صلي الله عليه وسلم كانت تتسم بالانسانية وتقدير ظروف كل انسان حسب قدراته. فهاهو رجل قد فاجأته أزمة البول فانتحي جانبا من المسجد وانسابت مياه البول فلوثت المنطقة. وفي هذه الاثناء حاول بعض المصلين الهجوم علي الرجل لكن الرسول صلي الله عليه وسلم رفض هذا الاسلوب وطلب منهم التوقف عن أي اعتداء علي الرجل وقال لهم: صبوا عليه كمية من المياه. ثم استدعي الرجل وبكل كرم الاخلاق قال له: يا هذا تصرفك لايليق في بيت من بيوت الله لانها يجب ان تظل طاهرة حتي يتمكن المصلون من اداء الصلوات الخمس علي مدي أوقاتها هكذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم نموذجا وقدوة وأسوة حسنة. يراعي كل تعليمات رب العالمين في التعامل ومخاطبة الناس دائما هي نصب عينيه في اطار هذه الأية الكريمة: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله ان الله يحب المتوكلين" سماحة ومبادئ تستهدف اللين في مخاطبة الناس لان الغلظة في القول المقترنه بغلظة القلب تجعل الناس ينصرفون عنه.