فيتو
محمد يوسف العزيزى
خنق الكفاءات وإهدار الخبرات في ماسبيرو!
لاحظت كما لاحظ الكثيرون غيري اختفاء بعض الوجوه المتميزة التي كانت تطل علينا عبر شاشات التليفزيون –تليفزيون الشعب– ليختفي معهم وقار ومسئولية وفهم العمل الإعلامي ورسالته المهمة خصوصًا في هذه الفترة التي تمر بها مصر، وتغيب مع غيابهم سمات الإعلامي الذي يحترم مشاهديه ويحترم المكان الذي يعمل فيه وكلها معايير نجاح وقبول لدى المشاهدين!

أكتب ذلك وأنا لست واحدًا منهم، وليس لي مصلحة غير أن يكون تليفزيون بلدي منافسًا قويًا وعملاقًا كما كان، ومنصة قوية للدفاع عن الوطن وثوابته في مواجهة غير متكافئة مع إعلام رجال الأعمال بكل ما فيه من تنوع وإمكانات.. لكني مشاهد من ملايين المشاهدين الذين يتابعون تليفزيون بلدي، وكان يجد في بعض الوجوه التي غيبتها قرارات إدارية أو فنية -لا معنى لها– حالة من التواصل والثقة والقبول لم تعد تطل علينا!

بعد أحداث يناير صدرت بعض القرارات الخاصة بتنظيم العمل في التليفزيون لأسباب كانت مقبولة في حينها منها عدم الجمع بين العمل الإداري -الذي فرضته ترقية بعض الكوادر الإعلامية– والعمل في البرامج نظرًا لأنهم كانوا يتقاضون مبالغ مالية كبيرة نتيجة هذا الجمع وصلت مئات الآلاف من الجنيهات، وبعد ما يقرب من عامين تم إقرار الجمع بين العمل الإداري والعمل في البرامج بشرط ألا يتجاوز ما يحصل عليه الإعلامي من أموال بنود اللائحة المالية المعتمدة والتي راعت وصححت ما كان يحدث في السابق، فضلا عن أن القانون لم يحظر عملية الجمع بين العملين للكوادر الإعلامية!

منذ أيام ولسبب غير معلوم تم العودة إلى حرمان قيادات إعلامية متميزة تتسم بالمهنية والوقار والعلم وتحمل مسئولية الكلمة من الظهور على الشاشة وتقديم برامجهم أو قراءة نشرات الأخبار بالرصانة والشكل المطلوبين، وجاء القرار على الجميع!

السؤال الذي يطرح نفسه.. لماذا العودة مرة أخرى لهذا القرار، والشاشات تعاني من ضعف ملحوظ لكثير من المذيعين ومقدمي البرامج في أبسط قواعد العمل الإعلامي؟

أشك أن يجيب من اتخذ القرار بإجابة مقنعة تراعي الصالح العام أو يقدم مبررا يصب في خدمة شاشة التليفزيون بشكل عام رغم كل ما يتميز به الممنوعون عن الظهور من مزايا أقلها الظهور المشرف بما يليق بالتليفزيون المصري من حيث الصورة على الشاشة!

الحقيقة أنني أرى –بصفتي مواطنًا من دافعي الضرائب– أننا بصدد حالة هزل في موضع الجد، وأظن –وليس كل الظن إثم– أن هاجس التطوير والإصلاح الذي يسيطر على متخذي القرارات في المبنى ربما يجعلهم لا يدققون النظر في مجمل الصورة فتغيب عنهم الرؤية في منهج التطوير ويختل الهدف المراد الوصول إليه في ظل سباق محموم بين الشاشات، وصراع مكتوم بين الإعلام الخاص والإعلام الرسمي، لذلك تأتي بعض القرارات غير ذات جدوى، وتضر أكثر مما تنفع!

يبدو أن الرؤية لتطوير ماسبيرو وإصلاح مساره تسير في الطريق السهل والسريع بغلق قنوات كانت مهمة ولها نسب مشاهدة جيدة مثل صوت الشعب، ومنع كفاءات إعلامية من الظهور على الشاشات بمبررات واهية، وإهدار خبرات إعلامية حصلتها على مدى سنوات لمجرد إتاحة الفرص لظهور وجوه ما زالت تحتاج الكثير من التدريب والثقافة!

نظرية الحسنة تخص والسيئة تعم لا تصلح لكل الأماكن أو الوظائف خصوصًا تلك التي تعتمد على الإبداع، وفكر العقاب الجماعي يضر بالتأكيد ويدفع بهم إلى دوائر اليأس والإحباط.. مع تأكيد ضرورة عقاب من يخطئ أو يتجاوز بشكل منفرد!

منع ظهور وجوه على الشاشة لديها قبول وخبرة وقادرة على العطاء وتحمل مسئولية المرحلة خطأ كبير ولا مبرر له، واستمرار وجود الخبرة على الشاشة يساعد في تعليم أجيال جديدة ويعطي للتطوير والإصلاح زخمًا يساعد على الإنجاز.. اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف