جلاء جاب اللة
عودة الوعي بداية تحرير القدس
أعاد ترامب قضية القدس وفلسطين إلي صدارة الاهتمام في الشارع العربي وأكد للجميع ان هذه القضية التي غابت عن الصدارة بعد الربيع العربي وما تلاه من أحداث وانقسامات ومؤامرات مازالت هي القضية الرئيسية لدي العرب والمسلمين ولكن مع تفاوت هنا وهناك في الاهتمام والرؤي والنظرة.
المريب والذي يدعو للتأمل ان الادارة الأمريكية الصهيونية نجحت في أن نجعل قضية العرب والمسلمين الآن هي رفض قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلي القدس ورفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.. فأصبحت القضية هي السفارة وليس تحرير القدس من الصهاينة وبدلا من ان نطالب بتحرير القدس وان تكون عاصمة لدولة فلسطين أصبحت مطالبنا الشعبية قبل الرسمية هي الغاء قرار ترامب بل ان البعض يطالب بتأجيل وليس الغاء القرار وهكذا يتلاعبون بنا لتتحول القضية من التحرير والاستقلال إلي قضية الدفاع عن القدس الإسلامية من الصهاينة وعدم نقل السفارة الأمريكية.
في المقابل نجد كوريا الشمالية نموذجا لا تعترف أساسا بدولة الصهاينة.. وبالتالي فهي لا تعترف ضمنا بالقرار الأمريكي الذي اعتبر القدس عاصمة لإسرائيل.. وفي المقابل الأسود نجد عربا وللأسف عرب يحملون جنسية عربية أيا كانت دولتهم ويتحدثون العربية ويدينون بالإسلام أو المسيحية.. هؤلاء وان كانوا قلة قليلة يتحدثون عن انه لا وجود أساسا لدولة اسمها فلسطين "لاحظ الفرق" وبالتالي فماذا يضيرنا إذا كانت عاصمة دولة إسرائيل هي القدس أو تل أبيب بل ان بعضهم - وللأسف - يدافع عن القرار الأمريكي الذي أصدره ترامب!!
المريب والعجب انه في مقابل الحالة العربية الشعبية والرسمية الرافضة لقرار ترامب والمطالبه باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية نجد شبابا في أمة العرب لا يهمهم ما يحدث من قريب أو بعيد ولا يهتمون بمتابعة هذا الحدث وكأنه يحدث في كوكب آخر وتراهم علي مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يعيشون في غياب وكأن هذه القضية لا علاقة لهم بها ولا علاقة لهويتهم ودينهم وقوميتهم بل ووجودهم بها تلك هي القضية الآخطر الآن!
فما حدث في السنوات الأخيرة وخاصة بعد 2011 في منطقتنا أحدث خللا حقيقيا في فكر ورؤي البعض وغابت القضية الفلسطينية بالفعل عن اهتمامهم تماما.
انفجر غضب الكثير فعلا هنا وهناك وخرجت مظاهرات في بعض العواصم.. لكنها تحولت أحيانا إلي مظاهرات لصالح مجموعة لها هدف وغرض ما كليا وتناسوا القضية الرئيسية وبدلا من ان توحدنا المصيبة وتجعلنا علي قلب رجل واحد وبهدف واحد.. فوجئنا بمن يستغل الموقف للثأر من خصومة واعتبارها فرصة لكي يثبت انه علي صواب وغيره علي خطأ!!
رحم الله زمنا كنا فيه نتفق في الأزمات برغم اختلافاتنا.. وكنا فيه صفا واحدا ضد عدونا مهما كنا مختلفين فيما بيننا وكنا نعرف ما نريد بوضوح شديد!!
الدرس الأول لقرار ترامب انه كشف عورات بعضنا واكتشفنا معه ان بعضنا نسي القضية بل وباعها.
الدرس الثاني: ان أمريكا التي اغتصبت حقوق مواطني أمريكا الاصليين واغتصبت كل ما لديهم وعاشت علي انقاضهم ظلما وطغيانا.. تريد ان تكرر المأساة في أرض فلسطين العربية وان تجعل من أهل فلسطين "هنود" حمرا جدداً في أرض العرب فإذا لم تبدهم فليكن الشتات.
الدرس الثالث: ان الخطة الصهيونية التي بدأت منذ انتصارنا المجيد في أكتوبر 1973 مباشرة بدأت تؤتي ثمارها بالفتنة أولا والتي بدأت فتنة طائفية في لبنان منذ السبعينيات وحتي الربيع العربي الذي أشعل فتنة جديدة في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها.. ومازالت دول اخري في الطريق يحاولون ان يجعلوها دولا آيلة للسقوط أو دولا مقسمة إلي دويلات.. والفتنة مازالت مستمرة تحت أعيننا ولكننا كمن لا يري أو بالأدق لا نقرأ التاريخ أو الواقع أو المستقبل.. وإذا قرأنا لا نفهم وإذا فهمنا لا نفعل شيئا بناء علي هذا الفهم وإذا فعلنا تعاركنا وتنابذنا وتحولت إلي شيع وفرق متخاصمة ونتهم بعضنا البعض تاركين المتهم الرئيسي حرا.
الدرس الرابع ان شبابنا الذي نسي القضية الفلسطينية ونسي معركتنا الحقيقية كان هدفا لمخطط صهيوني نجح في تغريب بعض شبابنا تماما.. ونجح باسم التكنولوجيا الحديثة في قتل الأصول والجذور فأصبح البعض هشا ضعيفا لا يعرف معني كلمة المقاومة والدفاع عن وجوده وكل ما يهمه هو اللحظة التي يعيشها بمقتنياتها المادية وفقط وهذا الشباب هو الوقود السلبي الذي تستغله الصهيونية في مخططها لصالح إسرائيل في المنطقة.
الدرس الخامس ان معركتنا الرئيسية الآن هي عودة الوعي للعرب.. والعودة للعروبة وللإسلام وللمسيحية الحقيقية.. شبابنا هو المعركة الرئيسية لأنه مستهدف تماما من الصهيونية سواء من خلال تزييف التاريخ أو تزييف الواقع أو تشويه المستقبل.. أو تغريب الشباب ودمجهم في واقع مختلف مختل ضد حقيقتهم وضد المستقبل.
عودة الوعي لشبابنا وأجيالنا المقبلة باتت ضرورية وتلك ليست مهمة جهة وحدها انها مهمة الآباء والأمهات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والثقافة والاعلام.. انها مهمة خطيرة لأنها هي قاعدة المعركة الحقيقية التي تخوضها أمتنا.. ولا أغالي ان قلت انها البداية الحقيقية لتحرير القدس.
الوعي القومي.. الوعي المصري الأصيل الذي غاب كثيرا عن كثير من شبابنا وأصبحوا في حالة تغييب حقيقية بدأت بضياع اللغة العربية.. لغة القرآن.. وكان من السهل تزييف واقعنا من خلال ان نجعل اهتمام كل الأسر بأن يتعلم الابناء لغة اجنبية علي حساب اللغة العربية.. وان كان تعلم اللغات الأجنبية شيئاً رائعاً ومطلوب جدا.. الا ان الاهتمام باللغة العربية هو الأصل ثم اللغة الأجنبية وليس العكس.. علي نفس المنوال كان تغييب وتغريب عقول الأجيال الشابة في مصر.. ومن هنا نبدأ.. ومن هنا تكون بداية معركة الوعي وعودته لأصوله الحقيقية لتبدأ معركة الوجود.