سناء السعيد
بدون رتوش - بين الحلم والكابوس
فى الحادى عشر من ديسمبر الجارى حل الرئيس بوتين ضيفاً على مصر فى زيارة سريعة استغرقت عدة ساعات. مباحثاته مع الرئيس السيسى تطرقت إلى بعض الملفات كالملف السورى وإعلان ترامب فى السادس من الشهر الجارى القدس عاصمة لإسرائيل. بيد أن الهدف الرئيسى من زيارة بوتين كان التوقيع على العقد النهائى للمحطة النووية المصرية بالضبعة بعد أن انتهت كل المفاوضات بين الدولتين وتمت مراجعتها وصياغتها قانونياً. وكانت الدولتان قد اتفقتا على انشائها فى 19 نوفمبر 2015 وهو ما يقضى بقيام روسيا بتمويل وبناء محطة لتوليد الكهرباء تضم أربعة مفاعلات بقوة انتاج تصل إلى 1200 ميجاوات لكل مفاعل بإجمالي 4800 ميجاوات. ومن المقرر تشغيل أول محطة 2019 على أن يتم الانتهاء من المشروع ودخوله الخدمة فى 2025 .
المشروع أثار الكثير من اللغط، فهناك من صنفه على أنه حلم نووى وهناك من وصفه بالكابوس. وبالتالى تباينت الآراء حول جدواه لا سيما مع مخاوف مثارة من أن تؤدى تأثيراته السلبية إلى نتائج وخيمة فى ضوء تحذيرات من مغبة الاعتماد على القروض الخارجية لتمويل المشروعات. إذ إن التوسع فى الاقتراض سيؤدى إلى ارتفاع الديون الخارجية والداخلية معا. لا سيما وأن قيمة القرض 24 مليار دولار، وهناك خشية من التعثر فى سداده خلال فترة السماح التى تصل إلى 13 عاما. ولهذا رأى هؤلاء أنه لم تكن هناك مدعاة لإنشاء محطة نووية لإنتاج الطاقة نظرا لتكلفتها الباهظة فى ضوء ما تعانيه مصر من أزمة اقتصادية ولا سيما مع وجود بدائل كالطاقة الجديدة والمتجددة والتى يمكن الاستعاضة بها عن الطاقة النووية.
كان بالإمكان أن تتجه مصر للطاقة الشمسية كبديل للنووى لا سيما مع درجة الأمان المحدودة مع الأخير، بالإضافة إلى الخشية من التسرب الإشعاعي والخشية من عدم القدرة على تأمين المحطة النووية فيما إذا حدث تسريب منها.
وبخلاف هذا هناك الخطر الناجم عن اختيار أرض الضبعة لبناء المحطة والتى تقع على شاطئ البحر المتوسط فى محافظة مطروح شمال غرب مصر، حيث تكمن الخطورة فى أن الرياح تأتى فى منطقة الضبعة بزاوية 45 درجة فتصل إلى الجيزة والإسكندرية والدلتا. وفيما إذا حدث تسرب إشعاعى نتيجة حدوث انفجار بالمفاعل لا قدر الله فسوف يقضى على تلك الأماكن نظرا لسرعة اتجاه الريح، ولهذا اقترح خبراء إنشاء المفاعل بالسلوم حتى إذا تعرض لأى انفجار ستتجه الاشعاعات بفعل الرياح إلى الصحراء غير المأهولة. أياً كان فإن ما يتمناه المرء أن يكون المشروع حلماً نوويا ًوليس كابوساً.