جمال سلطان
رسالة من ديبلوماسي مصري بخصوص القدس
هذه الرسالة وصلتني من ديبلوماسي مصري ، حركه ضميره الوطني من أجل القدس ، بعد القرار الفاجر للرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده إليها واعتبارها عاصمة للكيان الغاصب في فلسطين ، وقد أرسلها على جزئين ، طالبا نشرها ، وأخبرني أنه أرسل نسخة منها أيضا إلى رئيس الجمهورية وإلى وزير الخارجية ، يقول سعادة السفير فاروق حلمي في رسالته :
السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي
لا بد أن تكونوا لمستم رد الفعل الشعبي الغاضب في مصر والعالم ، والمواقف القوية لرؤساء وقيادات الغالبية العظمى للمجتمع الدولي ، رفضا واستنكارا لاعلان الرئيس الأمريكي القدس عاصمة لاسرائيل ، والمطالبات باتخاذ ردود فعل رادعة تحمله على التراجع وهو ما لا يتسنى الا بهزة تجعل الرأي العام الأمريكي يضغط عليه .
والأمل معقود على ألا تتأخر مصر عن ركب الدول المدافعة عن القدس ، وأن تحرص على أن يكون ما تتخذه من خطوات متسقا مع مواقفها التاريخية من قضية هذه المدينة ذات المكانة المقدسة لدى المسلمين والمسيحيين، وملتزما بالقانون الدولي وبالشرعية والقرارات الدولية .
ولذا فانه من المنتظر أن تقوموا باعلان موقف حاسم لمصر بحكم مركزها الريادي التقليدي الذي ينبغي أن نسعى لاسترداده تعزيزا لمكانتنا الدولية ، ولما يجلبه ذلك من منافع تدعم نهوض بلدنا وتقدمه . وغير خاف عليكم أننا ان لم نرتق لمستوى الحدث ، فان ذلك سيكون دعوة لمزيد من العنف والتطرف والارهاب في منطقتنا لن يسلم منهم أحدا .
السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي
أحييكم على مبادرتكم الحكيمة بتقرير تقدم مصر لمجلس الأمن بمشروع القرار الخاص برفض الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لاسرائيل ، وهو الذي لاشك يعزز موقف مصر عربيا ودوليا .
وفي ضوء ما هو متوقع من ممارسة الولايات المتحدة لضغوط متناهية لحمل بعض دول المجلس على الامتناع عن التصويت ، وما هو مؤكد أيضا من استخدامها لحق الفيتو لمنع اصدار القرار ، وما يترتب على هذا من التغني بنجاحها في احباط محاولتنا وتحقيقها لانتصار سياسي ، فان المحصلة النهائية ستكون محدودة الأثر بالنظر لأن عضوية المجلس تقتصر على 14 دولة فقط ، كما أن القرار سوف يتم وأده في المهد ولن يصدر .
لذا فاني وغيري من الزملاء الدبلوماسيين ذوي الخبرة بالأمم المتحدة نرى أن تقوم بعثتنا في نيويورك بالتنسيق مع وفد فلسطين والمجموعة العربية وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامى ، من أجل المضى قدما والتوجه مباشرة الى الجمعية العامة للامم المتحدة وفقا لصيغة قرار الجمعية العامة رقم 337A الصادر عام 1950 بعنوان الاتحاد من أجل السلام Uniting For Peace ، لاستصدار قرار ينص فى فقراته العاملة أو التنفيذية - وضمن أمور اخرىinter alia - على اعتبار القرار الامريكي لاغيا وباطلا null and void ، والتاكيد على أن القدس الشرقية هى العاصمة الأبدية eternal لدولة فلسطين .
وسوف يحقق ذهابنا الى الجمعية العامة توجيه صفعة حاسمة للساعين لفرض الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وما يقود اليه من تغذية للتطرف والعنف والارهاب بمنطقتنا ، وحصول القرار - من خلال الطرق على الحديد وهو ساخن الآن - على اكثر من 150 صوتا أو يزيد من اجمالى 193 صوت هى اجمالى اصوات أعضاء الامم المتحدة . ويؤخذ فى الاعتبار هنا أنه وفقا للميثاق فأن الجمعية العامة هى أكثر الاجهزة تمثيلا للعضوية The most representative body of the United Nations لشمولها على كامل العضوية .
ومع أن هذه الخطوة تظل رمزية لعدم امكان انفاذ القرار ، فانها ستكون أكثر تحقيقا لأغراضنا من حيث توجيه رد فعل أقوى ضد القرار الأمريكي والمخططات الاسرائيلية من خلال صدور قرار بالفعل بدلا من اسقاطه نتيجة للفيتو ، وكذا تسجيل تصويت أغلبية عظمى لأعضاء المجتمع الدولي بأسره لصالح مثل هذا القرار واثبات عزلة الولايات المتحدة في هذا المضمار ، فضلا عن تسجيل مواقف لهؤلاء الأعضاء يصعب التحلل منها وبالتالي تكبيل من قد يفكر في أن يحذو حذو واشنطن ، بالاضافة لمزيد من تأكيد استقلالية القرار المصري عن أي هيمنة ، وتأكيد دور قيادي لمصر بالمنطقة سواء في أعين الشعوب والدول العربية أو بقية الجماعة الدولية ، وسحب السجادة من تحت أقدام المنافسين على زعامة المنطقة مثل تركيا وايران والسعودية وما يقدمون عليه من مزايدات .
السيد الرئيس
لقد وصلنا الى مفترق طرق مع الولايات المتحدة في عهد رئيسها المتهور والمختل عقليا ، وعلينا أن نتمسك باستقلالية سياستنا وما تتطلبه مصالحنا القومية ولو اقتضى الأمر التضحية بالمعونة ، التي هي في الواقع أصبحت حتى غير مضمون استمرارها . ولقد آن الأوان للاستغناء عنها ولأن نتعوّد على عدم الاعتماد عليها ، الذي يصور لواشنطن خطأ سهولة التأثير على قرارنا . ولقد عشنا من غيرها قبلا ، ولن نفتقر بدونها . كرامتنا ينبغي أن تسبق أي شيء آخر.
ولسوف تكونوا بعملكم هذا أرضيتم الله وضميركم ، وحافظتم على استقلالية القرار المصري ، وفرضتم احترام الأمريكيين والاسرائيليين لوطنكم وهم الذي لا يفهمون الا لغة القوة ، وبنيتم أيضا لأنفسكم مكانة عالية مستحقة لرئيس دولة عريقة كمصر في أعين شعبكم وشعوب منطقتكم والعالم .
وفقكم الله وسدد خطاكم من أجل رفعة الوطن .
السفير فاروق حلمي ـ سفير متقاعد