الأخبار
اسامة السعيد
خارج النص - آفة حارتنا.. الإخوان!
تدهشني كثيرا قدرة جماعة »الإخوان»‬ وقياداتها علي التلون وتبديل المواقف من عصر إلي آخر ومن حدث إلي حدث.وآخر ما خرجت علينا به قيادات الجماعة الإرهابية، ما طالب به مرشدهم الأخير محمد بديع خلال محاكمته بأن يطلق سراح عناصر الجماعة كي يحرروا القدس !!
والحقيقة أن هذا الرجل وتلك الجماعة تحسد علي تلك القدرة المذهلة في دغدغة المشاعر واللعب علي أوتار آلامنا القومية كي تستقطب المخدوعين والغاضبين إلي صفوفها، مستغلة حقيقة راسخة - للأسف الشديد - في وعينا المصري والعربي، وهي الحقيقة التي أجملها أديبنا العملاق نجيب محفوظ بمقولته الخالدة »‬آفة حارتنا النسيان»، فالنسيان كان ولايزال عدونا الأخطر الذي يضيع بوصلتنا، ويجعلنا ضحايا لمثل أولئك المتلاعبين بالعقول، فعندما تغيب الحقائق ويتواري العقل.. يتصدر الدجالون والأفاكون المشهد، ويحولون الأمة إلي قطيع من التابعين الذين تسوقهم الشعارات الزائفة بعصا السمع والطاعة!!
ويراهن قادة الجماعة الإرهابية علي صياغة تاريخ غامض لجماعتهم تختلط فيه الحقائق، ويصنعون حول ماضيهم هالة كثيفة من غبار المظلومية والاضطهاد، فيحجبون عن عيوننا رؤية ماضيهم الأسود. ولعل أولي الحقائق التي يحرص »‬الإخوان» علي طمسها أنهم لم يكونوا سوي صنيعة لبريطانيا، قوة الاحتلال الأولي التي أضاعت فلسطين وتآمرت علي العرب والمسلمين ولاتزال، وقد انطلقت مسيرة الجماعة في الإسماعيلية في مارس ١٩٢٨ بتبرع سخي من البريطانيين، الذين راهنوا دائما علي أن اختلاق جماعة سياسية ودينية متشددة كفيل بشق صف المصريين وإشعال فتنة طائفية تفكك وحدة المصريين حول حزب الوفد، وتلهيهم بصراعاتهم الداخلية عن المطالبة بالاستقلال!
وحتي في حرب ١٩٤٨، والتي يبني عليها الإخوان أساطير مبالغ فيها عن مشاركتهم في تلك الحرب التي انتهت بهزيمة العرب، فإن تلك كانت ضمن مد قومي شامل، ولولا الخيانات العربية والبريطانية لتغير وجه التاريخ. وهناك صفحات مخجلة من تاريخ الجماعة يتعمدون إخفاءها، ومنها اتصالات مرشدهم الأول ومؤسس الجماعة حسن البنا، مع الاستخبارات الأمريكية، الذين تصاعد دورهم بعد الحرب العالمية الثانية، واقتراح البنا تأسيس مكتب لمناهضة النشاط الشيوعي واليساري في مصر، يكون تمويله أمريكيا، والتنفيذ من جانب عناصر الإخوان!! وقد لعبت الجماعة علي مدي تسعة عقود دور المفتت لوحدة الجماعة الوطنية، فهي لا تسعي سوي لمصلحتها، حتي لو كانت علي حساب المصلحة الوطنية، هكذا فعلت عندما كان عناصرها يهتفون »‬الله مع الملك» ردا علي هتاف »‬الشعب مع النحاس»، ولم يكن ذلك الملك سوي فؤاد الأول الغارق في مفاسده والمرتمي في أحضان الإنجليز، وهكذا فعلوا مع ثورة يوليو 1952، عندما هتفوا في 1954 »‬تسقط الديمقراطية» تأييدا لقرارات إلغاء الأحزاب، ثم سرعان ما انقلبواعلي الثورة وعلي جمال عبد الناصر وحاولوا اغتياله عندما قرر حل الجماعة!!
هذا هو تاريخ »‬الإخوان» الحقيقي، فهم يتاجرون بقضية فلسطين والقدس 60 عاما، ولم يفعلوا شيئا ليحرروها، وحتي عندما وصلوا إلي السلطة، لم نر منهم سوي رسائل »‬صديقي بيريز»، فأي تحرير يزعمون؟! وأي وهم يبيعون؟!
إن جرح الأمة أكبر من أن يتاجر به أحد، ومصيبتنا في القدس أفدح من أن تكون لعبة بيد »‬الإخوان» في سوق النخاسة السياسية.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف