الأخبار
صبرى غنيم
رؤية - سامية صادق.. كيف أعطيك حقك وأنت في رحاب الله
- سبحان الله.. ولم يتبق في الرصيد إلا القليل بعد أن رحل الصوت الإذاعي الجميل الذي ملأ حياتنا بالحب وأسعد ملايين المرضي من خلال الأسرة البيضاء، الصوت الذي جمع مئات المفكرين حول فنجان شاي، لقد رحلت صاحبته في هدوء.. لم يسمع أحد أنينها وهي تتوجع من آلام المرض، لأنها كانت ترسم علي شفتيها الابتسامة وترفض أن تتوجع، ومع ذلك لم تأخذ سامية صادق حقها من الإعلام عندما زفتها الملائكة إلي السماء وصعدت بروحها البارئة إلي خالقها في الميعاد الذي حدده لها.. كنت أتوقع أن يكتب الإعلام عنها صفحات لأنها أثرت حياتنا، وكان للإذاعة مساحة عريضة في حياتنا، وكون أن ترحل صاحبة أحن صوت إذاعي بعد رحلة مرض طويلة ولا أحد يسمع عن رحلتها.. فكان هذا التجاهل هو صورة من الجحود لأنني لم أسمع أحدا طرق بابها طوال فترة مرضها لا من المذيعين ولا المذيعات الذين كبروا علي أيديها.. للأسف دخلت ذكرياتها مع الجميع في طي النسيان، ولم نتذكرها إلا في ساعة الرحيل من أيام..
- وكما أعطت سامية صادق لمصر من خلال برامجها في إذاعة البرنامج العام »صباح الخير وفنجان شاي وما يطلبه المستمعون، وحول الأسرة البيضاء»‬ رحلت سامية ولم تعطها الإذاعة شيئا، لا سهرة جمعت فيها ذكرياتها ولا برنامجا من برامجها أعيد إذاعته وكأن الوفاء قد مات حتي تلاميذها وكأنهم في المعاش.. للأسف الإعلام المرئي الذي شهد بصماتها كرئيسة للتليفزيون لم يذكرها.. صحيح أن الإعلام المطبوع ودعها في صمت وكأن التي ماتت لا يعرفها أحد، مع أنها هي التي قدمت أقلام كثيرين إلي الميكرفون وصنعت نجوماً للأسف لم يذكروها الآن..
- لقد ماتت سامية صادق ومات معها الحب.. يكفي أنها كانت تجمع المرضي حول الأسرة البيضاء تغرس فيهم الأمل وترسم علي شفاههم الابتسامة وتجعلهم يتمسكون بالحياة، سامية صادق كانت محبوبة لجيلي وللأجيال الصاعدة، وكونها عاشت سنوات في عزلة بسبب المرض فالفضائيات المصرية سبب هذه العزلة لأنها لم تذكرها مع أن لها بصمات علي النخبة العاملة فيها.. أذكر عندما تمت ترقيتها وأسندوا لها رئاسة التليفزيون أنا الوحيد الذي أرسلت لها برقية عزاء، لأنها فقدت الميكرفون، ما كنت أحب أن تنهي رحلتها الإذاعية بالعمل الإداري كرئيسة للتليفزيون، وبعد سنين اتصلت بي لتشكرني علي برقية العزاء بعد أن فهمت معناها متأخرا..
- سامية صادق لعبت دوراً كبيراً في حرب ٧٣ حيث كانت الإذاعة المصرية هي بطل المنظومة الإعلامية في تعبئة الحس الوطني في الشارع المصري وتجاوبه مع كل طلقة علي الجبهة، أذكر أنها أصدرت أمرا بتحويل برنامج كنت أكتبه وأعده للإذاعة تحت اسم »‬وسام لهذا المواطن» وقررت أن يكون هذا البرنامج يوميا ويذاع مرتين علي مدي النهار خلال فترة الحرب وكان مطلوبا مني أن أختار شخصياته من الجبهة الداخلية ليكونوا عنوانا لحرب أكتوبر مع أني كنت أكتب لها علي فترات حلقات.. برنامج فنجان شاي وصباح الخير، وكانت رحمها الله صديقة للقلم كما كانت صديقة للميكرفون، فهي التي عرفتني بالمرحوم زوجها الناقد الرياضي الكابتن عادل شريف ضابط البحرية المصرية الذي خطف قلبها وتزوجها وأنجب منها »‬علي» والذي حصل علي الدكتوراة ويقيم في إنجلترا وحسن وقد حصل هو الآخر علي الدكتوراة ويقوم بالتدريس بجامعة حلوان، وكانت شقيقتها الدكتورة إخلاص صادق التي كانت متزوجة من خبير البترول حسن أبو النجا هي أقرب الشخصيات إلي قلبها وكانت والدتهما تجمعهما في بيت واحد بعد أن ترملت الشقيقتان سامية وإخلاص..
- لقد رحل أرق صوت إذاعي، برحيل سامية صادق التي كانت لها ذكريات شهدتها الإذاعة المصرية، لقد اكتسبت الشهرة كأحلي صوت إذاعي ولم تكتسب الشهرة كرئيسة للتليفزيون رغم سهر الليالي في إعداد الخريطة اليومية، لذلك أقول من الظلم أن ترحل في صمت ولا تأخذ نصيبها من التكريم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف