الأخبار
رفعت رشاد
حريات - علامة تعجب !
اللغة جوهر حياة الشعوب. من خلالها يتواصل الأفراد ويتعاملون. كلمات اللغة قد تحزن أو تفرح، تغضب أو تسعد، تحبط أو تحمس. رقي اللغة رقي المجتمع، الأدب يزدهر إذا ازدهرت اللغة. الفن يسمو إذا أبدعت اللغة. واللغة العربية جوهر الوحدة العربية. الوحدة بمعناها الشامل، حضاريا، شاملة الثقافة، التي شاملة الأدب والفنون، شاملة المعاملات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والرياضية، شاملة التاريخ والتراث والسير. لكن لغتنا مهددة من أخطار عدة، من سيادة العامية المحلية في الأوطان العربية، ومن شيوع اللهجات الأكثر محلية في المقاطعات والبيئات المختلفة، من الغزو المكثف للغات الأجنبية.
صدر في زمن الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسوريا ) قانون يحتم التعامل باللغة العربية في كل المجالات بما فيها لافتات المحلات، التي صارت الآن سداح مداح، ولن أزيد فيما يتعلق بأسماء الشواطئ والمنتجعات التي ليس لأي منها اسم عربي واحد. هذا القانون مات ولم يعد له أي وجود ولا تنفذه السلطات بل ربما لا يعرف موظفو المحليات الذين يصدرون تراخيص المنشآت بوجوده وبالتالي أتساءل : ما دور المجمع اللغوي في حماية اللغة ؟ وما دور البرلمان في الحفاظ علي الهوية ؟.
وعندما نتحدث عن اللغة لابد من أن نعرج علي الصحف السيارة والتي لها دور كبير في تشكيل وجدان المواطن وثقافته ومن ضمنها لغته. وقد يبدو للبعض أنني أبالغ إذ أدق ناقوس الخطر بشأن تدهور أحوال اللغة العربية، لكني أذكركم بأن الانهيار في أي مجال لا يأتي في صورة شاملة أو ( مرة واحدة ) بل يدب الضعف في جسد الكائن سواء كان إنسانا أو دولة أو لغة ويتسلل حتي يصل إلي كل الأجزاء وبعدها يموت الكائن، ربما بعد سنوات أو حتي قرون ولكن النهاية المحتمة هي الموت.
الصحافة لغة المجتمع، لكن الرأي يختلف إذا ما كان المجتمع يشكل لغة الصحافة أو أن الصحافة تصوغ لغة المجتمع. وأري أن الطرفين يتبادلان التأثير ولكن يجب أن تسبق الصحافة المجتمع بخطوة بحيث تصحح ما قد ينحرف باللغة من جانب المجتمع. وفي مقالي هذا أناقش ـ علامة التعجب ـ التي زاد استخدامها مؤخرا في الصحف. صار المسئولون عن الصحف من المحررين والفنيين يستخدمون علامة التعجب علي أنها حلية تزين المقال أو التحقيق. وقد نجد في صفحة واحدة ما يزيد علي 10 علامات تعجب وهو أمر شاذ لأنها ليست حلية نستخدمها لزينة الكلمات وإنما هي أداة نحوية لها استخدامات يعرفها اللغويون والنحاة. وسأذكر بعضا من استخدامات علامة التعجب.
تستخدم علامة التعجب ( ! ) عندما نذكر كلاما يستثير الدهشة والتعجب في أمر يبرز فيه الحسن أو القبيح، أي نستخدم أسلوب التعجب للدلالة علي استعظام صفة في شيء ما، كأن نقول : ما أمهر اللاعب محمد صلاح ! أو : ما أسوأ الغضب ! أو : يا لرقة مشاعرها ! أو : يا لجمال الزهور في الربيع ! وقد تجتمع علامة التعجب مع علامة الاستفهام إذا كان الاستفهام يحمل معني التعجب مثل : كيف تضربني ولم أفعل شيئا ؟! أو : من فعل هذا بالله عليكم ؟!
البعض يسمي علامة التعجب، علامة التأثر إذ يمكن أن تأتي في نهاية الجمل التي تدل علي تأثر وجداني شديد كالحزن الشديد أو السعادة الشديدة أو الخوف الشديد، أي أنها تشير إلي التطرف في المشاعر علي وجه العموم. وعلامة التعجب تأتي في نهاية الجملة ولهذا يجب معها ألا نضع نقطة فهي بالفعل تحتوي علي نقطة تحت خطها الأساسي، ومن الخطأ أن نكتب : يا لجمال المدن المصرية !. _ هذه شذرات عن اللغة العربية وعلامة التعجب التي تملأ صفحات الصحف.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف