الحقيقة رغم أنى معجبة بطموح وزير التربية والتعليم فى إصلاح منظومة التعليم المصرى، إلا أننى فى نفس الوقت أشعر بالخضة والخوف من الأحلام الكبيرة والتوصيات الهائلة التى أطلقها أخيراً والتى تتناول المنظومة منذ الحضانة حتى المرحلة الثانوية.
فأنا امرأة مصرية أعمل فى ثقافة الطفل منذ أكثر من أربعين عاماً، وقناعتى الأساسية التى تكونت على مر السنين أنه لا ثقافة ولا تطور فى كل مجالات الحياة فى مصر دون تعليم جيد مواكب للعصر، لذلك أجد نفسى للأسف غير متفائلة بطرح الوزير مع إعجابى ببعض الأفكار.
لأنه لا صلاح لمنظومة التعليم فى مصر دون أن يكون الاهتمام أولاً بالمرحلة الابتدائية والحضانة، فلم ينجح أى إصلاح من فوق لتحت أبداً، وأنا أعلم تماماً الضغوط التى يتعرض لها أى وزير تعليم من المجتمع والأهالى والإعلام من أجل المرحلة الثانوية خاصة الثانوية العامة، ولكن المرحلة الابتدائية هى مرحلة التأسيس وهى المرحلة الأصعب وهى التى لا يلتفت إليها المجتمع أو الأهالى كثيراً فهم غير متخصصين فى التعليم ولا يهتمون غير بالنهائيات لأنهم غير مدركين لأهمية البدايات فى حياة الطفل، لذلك كنت أتصور أن يصرح وزير التعليم بأنه لن يبدأ فى وضع أسس جديدة للثانوية العامة قبل أن ننتهى من وضع الأسس التربوية والتعليمية المتطورة فى المرحلة الابتدائية فهى الأخطر وإذا صلحت ونجحت ستكون طوق النجاة للتعليم المصرى كله وليس للثانوية العامة بل والتعليم الجامعى، فكيف نقدم لأولادنا مناهج متطورة فى الرياضيات والعلوم ومناهج تحث على النقد والتحليل دون أن يكون الطالب قد تدرب عليها وخبرها منذ طفولته المبكرة. وهل من الممكن أن ينمو طفل سوى سليم من غير أن نؤهله بالانفتاح على العالم واحترام ثقافة حقوق الإنسان وثقافة الاختلاف وقبول الآخر واحترام البيئة التى يعيش، وأن يعرف معنى الوطن والمواطنة والانتماء والمشاركة، إنها مفاهيم يجب أن يتعامل معها الأطفال منذ طفولتهم ويجب أن تقدم لهم بطريقة عصرية بعيداً عن المباشرة والحفظ والتلقين بل بمناهج يضعها متخصصون فى الفنون ومناهج تستطيع أن تقدم المفاهيم الحديثة لأطفالنا بطريقة فنية ممتعة ومشوقة. إن صلاح التعليم الأساسى هو الركيزة الأولى لصلاح المجتمع ككل.
لقد أكدت الدكتورة رشيقة الريدى أستاذة علم المناعة فى قسم علم الحيوان التى فازت بجائزة (لوريال واليونسكو) فى مجال العلوم لعام 2010 فى أكثر من حديث، وهى العالمة العالمية أهمية الاهتمام بالمراحل الأولى فى تعليم الأطفال خاصة أولى ابتدائى.