مر يوم ١٤ ديسمبر ٢٠٠٨، دون أن ننتبه له، مع أنه كان المفروض أن تُقام فيه الاحتفالات والمهرجانات، كانت الذكرى السادسة ليوم نسيناه، وهو اليوم الذى حقق فيه العرب أول انتصاراتهم فى العصر الحديث، هو اليوم الذى أطلق فيه منتظر الزيدى،الصحفى العراقى، الذى صار بطلًا قوميًا، حذاءه الأيمن صوب الرئيس الأمريكى الأسبق جورج دبليو بوش. وقتها صفق العرب، وهللوا وكبروا، فقد ضربنا بوش بالحذاء!.
وقال شهود العيان، وأيضًا ما سجلته مئات الكاميرات، إن الحذاء لم يصب بوش، وتمكن بحركة خاطفة من تفادى الحذاء، ولكن الحذاء أصاب العلم الأمريكى، وإصابة العلم عندنا أشد وطأة من إصابة بوش نفسه، لأن بوش زائل والعلم باقٍ.
فى ثقافة العرب، يُعتبر الضرب بالحذاء أقصى وأقسى درجات المهانة والتحقير، ويعتبر مصطلح أضربه بالحذاء، مصطلحًا مصريًا دارجًا، يقوله الرجل القوى، القادر والفاجر فى آن واحد، للتدليل على سطوته، وسطوة عائلته.
وقد مجد العراقيون حذاء منتظر الزيدى، وصنعوا لعبة اسمها لعبة ضرب بوش بالحذاء، وعرض مواطن سعودى، شراء الحذاء الذى قذف به الرئيس الأمريكى جورج بوش، بعشرة ملايين دولار أمريكى، وقال إن الحذاء يعد بمثابة وسام الحرية على صدور العرب، وليس مجرد حذاء، وإن وجهاء ومشايخ فى قبيلته الكبيرة عبروا عن تضامنهم معه، والمساهمة فى شرائه فيما لو وصل ثمنه فى المزاد أكثر من ذلك.
وقد ارتفع سعر الحذاء، فى المزاد على الإنترنت، من مائة ألف دولار إلى ٥٠٠ ألف دولار. وقالت الأخبار إن الحذاء أصبح الآن فى متحف المخابرات الأمريكية بعد فحصه والتحقق من مكوناته، ووضعه بالمتحف ليصبح أشهر مداس فى التاريخ.
والحذاء له تاريخ، وسيرة ذاتية، جديرة بأن تروى، ويحق لنا كمصريين أن نفتخر بحذاء الزيدى. كونه مصرى المنشأ، فقد كشف الصحفى العراقى منتظر الزيدى عن مفاجأة متعلقة بواقعة الحذاء الشهير، خلال مؤتمر صحفى فى بغداد فى ١٤ ديسمبر ٢٠٠٨. وقال الزيدى إن هذا الحذاء اشتراه من مصر، وكان كبير الحجم، وكثيرًا ما استخدمه فى أغلب أوقات عمله.
وفى تعليق لأحد العراقيين، قال إن الحذاء لم يتمكن من إصابة الرئيس الأمريكى بوش، لأنه صنع فى مصر، لو كان عراقيًا لما أخطأ هدفه. وفى تعليق آخر قال مواطن سعودى، مخاطبًا الزيدى: على الرغم من أنه بينى وبينك اختلاف مذهبى، أنا سنى وأنت شيعى، ولكن فى النهاية جميعنا مسلمون، ولكن أشهد بالله العلى العظيم أنك رجل شريف وتستحق أن يُشاد بك فى جميع المحافل العربية، بأنك رجل وقفت فى وجه عدو الله وعدو العراق، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بكل قوة وشجاعة بسلاحك البسيط، وهو ما تملكه وتحت يديك فى تلك القاعة: حذاؤك. فأنا من أرض الحرمين أرفع لك باسمى وباسم كل عربى شريف وغيور على الأمة العربية أسمى آيات الاعتزاز والامتنان، وشكرًا لك. وهنيئًا للأمة العربية انتصاراتها.
ومنذ تلك الواقعة صار منتظر الزيدى بطلًا قوميًا، واستضافه الإعلامى الكبير عمرو أديب، ومعتز مطر ووائل الإبراشى.
وفى القاهرة عقدت وقفات احتجاجية للتضامن مع البطل، وطالب البدرى فرغلى، الناشط والسياسى البرلمانى المعروف، فى لقاء تليفزيونى، بوضع حذاء منتظر الزيدى فى متحف خاص. وفى برنامج «صوت القاهرة» شرح الإعلامى أحمد المسلمانى تداعيات ضرب بوش بالحذاء.