وليد طوغان
عاش خجولا.. ومات تعيسـًا!
صدرت الطبعة الثانية من مذكرات روجيه بيرجيه الشهر الماضى فى فرنسا، وسط ردود أفعال كبيرة ومدوية. وبيرجيه هو مصمم الأزياء العالمى، وأحد خبراء الموضة فى باريس. وهو أيضا الصديق الصدوق لمصمم الأزياء الشهير الراحل ايف سان لوران.
الطبعة الأولى لمذكرات بيرجيه صدرت عام 2008، وباعت أكثر من مليون نسخة. تكلم فيها بيريجه عن حياة لوران، ومعاناته، وإدمانه المهدئات ثم المنومات ثم المخدرات، وعن المرأة الكريهة التى أحبها، ثم خذلته وعاش تعيسا بسببها.
فى المذكرات قال بيرجيه إنه اضطر لأن يكتب وأن يحكى، رغم أنه سبق ووعد لوران قبل وفاته بالكتمان. فالذى حدث، أن أولاد حبيبه ايف سان لوران الأولى السيدة نفياس كانوا قد أصدروا كتابا اتهموا فيه لوران فيه على لسان والدتهم، بأنه عذبها وظلمها وضربها وسود العيشة فى عينيها، فاضطرت لتركه بعد الكثير مما فعلته من أجله بداية حياته.
قال بيرجيه إن نفياس كذابة، وأولادها أيضا كذابون. لأنها هى التى عصفت بحياة لوران، وبتاريخه.. وبجغرافيته أيضا. قال بيرجه إن نفياس هى التى أذت لوران فى بداية حياته فحولت حياته لسلسلة من الأزمات، انتهت بـ«راحة مصطنعة» وفرتها للوران المنومات والمهدئات.. والمخدرات أحيانا.. حتى مات.
وإيف سان لوران كان اسما يرج العالم من كبيره لصغيره فى حياته، وظل كذلك بعد مماته أيضا. يكفى أنه رجل الموضة الذى ألبس النساء ملابس سلطوية كما يقول الفرنسيون. أحب لوران نفياس حبا كثيرا، لكنها تنكرت له، وتركته لأنه لا يصلح زوجا لها.. ولا يمكن أن يكون حبيبا.
لماذا؟ قالت إنه ليس عمليا، لذلك توقعت أنه لن ينجح، ولن يأتى بفلوس، وإذا لم يأتى بالفلوس، فهو لن يأتى لا بالشهرة ولابالنفوذ التى حلمت بهما.
فى واحدة من المواجهات قالت له نفياس: أنت ضعيف وفقير، وهى كانت تريد رجلا قويا، والقوة فى الفلوس، لأن الفلوس هى كل شىء.
حسب بيرجيه كانت نفياس غبية، فالرجل الذى لم يعجبها لأنه فقير، أصبح بعد زمن واحد من أغنى وأشهر رجال الأزياء والموضة فى العالم. والنتيجة خسرت نفياس، وكسب ايف سان لوران.
لما تركته نفياس وألقت بذكرياتهما فى الزبالة، كانت أول صدمة يتعرض لها لوران فى بداية حياته. فكان له قرران الأول: الهجرة من الجزائر حيث ولد وتربى. والثانى: ألا يرى تلك المرأة فى حياته مرة أخرى.
وقد كان. فقد رفض بعد ذلك لقائها مرتين. الأولى عام 68 بعدما أصبح أصغر مدير لأزياء كريستان ديور فى فرنسا، والثانية عام 1989 بعدما كانت شركة ملابس « ايف سان لوران « أول دار أزياء تدخل البورصة.
سر نجاح لوران أنه فاجأ العالم من فرنسا بتصميمات فساتين عليها ألوان مستوحاة من لوحات الفن التشكيلى العالمية لرمبرانت ومونييه، ثم أحدث ثورة أخرى فى عالم الأناقة، فالبس النساء «الاسموكنج» التى كانت حكرا على الرجال.
فى المذكرات قال بيرجيه إن تصميات الاسموكنج الحريمى أخذ من لوارن سنوات حتى تكتمل وتنزل الأسواق. قال إن لوران كان يريد أن يقول إن النساء ممكن أن يلبسن هدوم الرجال، لأن بعضهن لهن من طباع الرجال الكثير.
لم ينس صدمته فى نفياس. لذلك أراد أن يقول إن بعض النساء قساة القلوب غلاظ المشاعر. ولأنه كان خجولا، لم تتوفر له فرصة أن يقول هذا بالكلام، فاكتفى بأن قال بتصميماته ما لم يستطع أن يقوله بلسانه!
ومات تعيسا.