الصباح
شريف عبدالحميد
«طابور إيران الخامس».. الملف الكاشف
كان النازيون الألمان هم أول من أطلق مصطلح «الطابور الخامس» على العناصر المكلفة بأعمال التجسس والقتل والتخريب والتحريض وإثارة الفتنة والاضطرابات فى بلدانهم لصالح العدو، خلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، ومن ثم شاع استخدام هذا المصطلح لوصف العملاء فى جميع أنحاء العالم.
وبناء على هذه الأساليب النازية، استهدف نظام «الملالى» الحاكم فى إيران منذ نجاح ثورة الخمينى عام 1979 الدول العربية بكل السبل، حيث تفتقت أذهان «آيات الله» المزعومين عن أساليب شيطانية لـ«تصدير الثورة» إلى شعوب هذه الدول، وكأنها لم تشب بعد عن «الطوق السياسى»، من أجل أن تضرب استقرارها بنفسها، فتعم الفوضى والاضطرابات العالم العربى، ومن ثم تأتى «الإمبراطورية الفارسية» هذه الشعوب التى يعتبرها التراث الشعبى الإيرانى من «أكلة الجراد»!
وفى سبيل تحقيق هذه المخططات الشيطانية، لجأت طهران إلى عملائها من «الطابور الخامس»، سواء من الشيعة أو المتعاطفين معهم بدعوى مقاومة نفوذ أمريكا وإسرائيل فى المنطقة، أو المرتزقة الذين يأكلون على كل الموائد، وما أكثرهم، وهم الغالبية العظمى من عملاء إيران فى المنطقة.
وواصل النفوذ الإيرانى فى الدول العربية تمدده وانتشاره فى المنطقة منذ الثورة الخمينية، فى غفلة من كل الأجهزة المعنية بالأمن القومى فى هذه الدول، وبرزت تجليات ذلك النفوذ بوضوح أولًا فى لبنان، من خلال التحالف مع «حزب الله» العميل الإيرانى الأول فى المنطقة منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضى. ثم فى العراق عبر استخدام ميليشيات «الحشد الشعبي» الإرهابية، وفى سورية، من خلال التحالف مع نظام بشار الأسد، وفى اليمن، من خلال التحالف مع جماعة «الحوثيين» ومع الجماعات المؤيدة للرئيس السابق على عبدالله صالح. كما تبرز تجلياته بدرجة أقل وضوحًا فى العديد من الدول العربية الأخرى، مثل حزب «الاستقلال» المجمد نشاطه فى مصر بقيادة مسئول التشيع السياسى مجدى أحمد حسين. ومن ثم أصبح يشكل مصدر تهديد مباشرًا، من وجهة نظر النظم الحاكمة فى هذه الدول على الأقل، يصل إلى حد التهديد الوجودى لها، ما يعنى أن مقاومته لم تعد واجبة فقط وإنما ضرورة حتمية.
والأمر الخطير فى هذا الصدد، هو تسلل عناصر «الطابور الإيرانى الخامس» إلى أجهزة بعض الدول العربية، واحتلالهم مواقع مهمة فى الإدارات العليا والوسطى والدنيا، بهدف تسهيل مهمة الدولة الصفوية فى السيطرة على مقدرات بلدان المنطقة، سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو الإعلامى، أو حتى كخلايا إرهابية ناشطة تعمل على تخريب الجبهة الداخلية، أو تتحيّن أى فرصة لإحداث الفوضى.
ولا جدال أن تحقيق هدف ما يحتاج إلى أدوات منها المال الذى أدركت إيران أهميته، فعملت على استقطاب وشراء الأحزاب والسياسيين والبرلمانيين ووسائل الإعلام وشيوخ العشائر وحتى المسئولين الأمنيين فى أى دولة أرادت التحرك فيها، لتسهيل مهمتها على الأرض، وهى بهذا لم تفرق بين شيعى وسنى ولا مسلم ومسيحى ولا متدين وعلمانى، فاشترت ذمم كل من كان مستعدًا لبيع نفسه أو قلمه أو سلاحه.
وهناك عدة مؤشرات ذات دلالة على تصعيد إيران وأدواتها وعملائها وطابورها الخامس لمؤامراتها فى المنطقة. المؤشر الأول استمرار التدخل الإيرانى السافر فى الشئون الداخلية لبعض دول مجلس التعاون والدول العربية بكل أشكاله المتلونة.
وفى هذا الملف الكاشف «طابور إيران الخامس»، نسلط الضوء على خفايا وأسرار العمل الإيرانى السرى والعلنى ضد البلدان العربية، من الخليج إلى المحيط، ونكشف النقاب عن العملاء والخونة والمرتزقة والمخدوعين من أذناب طهران فى المنطقة، هادفين إلى تحذير من يُهمه الأمر من أولى الأمر، وتوعية شعبنا العربى بالأخطار المحدقة به، سعيًا إلى تدشين مشروع عربى مضاد للهيمنة الإيرانية.
فى العدد المقبل إن شاء الله نبدأ أولى حلقات الملف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف