حمدى رزق
فيض الخاطر - الأب الروحي..
آخر من يكتب عن مناقب الأستاذ إبراهيم نافع وفضائله هو كاتب هذه السطور، مع حفظ المقامات، كنت ولا أزال في أبعد نقطة عن مكتبه الأهرامي الفخيم، لا يدخله إلا المدعوون الموعودون بالقرب.
لم يكن بيني والأستاذ النقيب يوما عمار مهني أو إنساني فالقلب له أحكام، والأرواح جنود ما تنافر منها اختلف، وكنت أنفر من معيته وأفر بعيداً عن مجلسه، لأسباب حتي غمضت عن الأستاذ النقيب فبات محيراً في أمري مبلبلاً في سبب الرفض دون سابق معرفة مهنية أو إنسانية.
ورغم أدب الأستاذ الجم تجاه شاب صغير، وعطفته البادية علي صحفي ناشئ، ومحاولته الدءوبة للتواصل مع من هو في عمر أصغر تلاميذه، إلا أنني كنت متحزباً ضد كل ما يمثله الأستاذ نافع مهنياً ونقابياً، وابتعد بمسافة عن طريقه، أدخل في أول طريق ود يسلكه، وكان معلناً أنني غير قابل للبيع والشراء ولا تلقي الهبات في مواسم الكرم، وكان النقيب كريماً كالريح المرسلة في موسم الانتخابات النقابية، وفي هذا قصص وحكايات تروي علي الألسنة، أياديه البيضاء مست رؤوسا كثيرة بعضها يذكره بالخير.
الأستاذ إبراهيم بحوارييه وحكاويه كان يمثل طبقة من الصحفيين الأثرياء الذين لا يعجب بهم »الصحفيين المكحرتين» أمثالنا الذين يخدمون في البلاط من تحت بير السلم، وليس مسموحاً لهم بارتقاء الدرج إلا بإشارة من المتنفذين في علية بلاط صاحبة الجلالة، والاقتراب يستلزم الاحتياط، فمن اقترب، إما تنير فتصير نجماً أو تحترق فتصبح رماداً، في منفضة سيجار الأستاذ نافع دوما رماد بشر.
ويوما نشر الكاتب الصحفي الكبير المرحوم الأستاذ سلامة أحمد سلامة مقالاً لشاب يستغرب أن يكون في البلاط صحفي مليونير، وكنت أقصد الأستاذ إبراهيم نافع، وتلقيت رداً قاسياً من الأستاذ رجب البنا في افتتاحية مجلة »أكتوبر» جزاء وفاقا علي تطاولي علي مليونيرات صاحبة الجلالة.
أقر وأعترف، لم أبغض الأستاذ إبراهيم يوماً، ولم أتمن له إلا كل خير، وأعرف عن كرمه مع زملاء في لحظات الشدة الكثير، معطاء تماماً، وأخشي أن تكون البوابات الأمامية في مكتبه حالت دون تدفق عطائه وقصرت العطاء علي الأتباع والحواريين مما أثار حفيظة ملح الأرض في نقابة الصحفيين.
وأتمني له السلامة، وأدعو له بالشفاء العاجل، وأخشي أن بقاءه خارج البلاد ضاعف من مرضه، وزاد من ألمه، وأضعف مقاومته، الحرمان من ماء الوطن كالحرمان من ماء الحياة، والتنفس الصناعي لا يغني عن هواء الوطن، والغرف الفندقية ثلجية ليس فيها دفء فرشة صغيرة في حجرة مشمسة في بيت العائلة.
مهما كانت الاحترازات التي تحول دون عودة الأستاذ إبراهيم يجبها جميعاً المرض، الأستاذ حبيس مرض عضال، وعودته باتت ضرورة إنسانية قبل أن تكون لها أية اعتبارات أخري، دعكم من الأصوات العقورة التي تطالب برأسه في ثأرات مبيتة، ربنا يعافيها مما ابتلي به الأستاذ، ويشفي قلوبها من المرض، الغرض مرض كما يقولون.
لو تعلمون فضل الأستاذ إبراهيم علي مؤسسة الأهرام لهرع الأهراميون إلي طلب عودته ولبذلوا في هذا المسعي سعي المحبين، ولو حكم الزملاء في نقابة الصحفيين ضمائرهم الحية في جهد الأستاذ إبراهيم في نقابة الصحفيين مبني ومعني، البناية الشاهقة الحالية وراءها، وموقعة إسقاط القانون 93 كان رمزيتها، والتاريخ شاهد، وما تأخر يوما عن نجدة زميل حبس صحفياً أو حبسه المرض.. اطلبوا له الشفاء شفاكم الله.