المصرى اليوم
نيوتن
تعليقاً على «الدراما تغيّر الأحوال»
(عزيزى نيوتن،

ذكرت فى مقالك «الدراما تغيّر الأحوال»، المنشور أمس، أن جمال عبدالناصر «استخدم أدوات الفن للترويج لمشروعاته. من صحافة وأفلام سينمائية ومسرح وحتى الرقص الشعبى. عندما غنت فرقة رضا «فدادين خمسة». سخّر عبدالحليم حافظ وغيره من النجوم للترويج لمشروعاته من تأميم القناة إلى السد العالى، ثم الدعوة إلى الاشتراكية والقومية العربية.

ولاشك أن أغانى عبدالحليم كانت تشعل الحماس، وتؤجج الروح الوطنية بين الجماهير، وتناولت معارك الثورة، كما ذكرت، من تأميم القناة والسد العالى والقومية العربية والوحدة الكبرى والاشتراكية وغيرها. لكن ذلك لم يكن من أعمال سخرة عبدالناصر، كما جاء فى مقالك، إذ كيف لحاكم، مهما أوتى من كاريزما وقبول وزعامة وقدرة على التأثير، أن يسخّر شاعراً مثل صلاح جاهين ليكتب ما كتب من روائع القصائد، أو موسيقاراً مثل كمال الطويل ليصوغها فى ألحان تقشعر لها الأبدان حماساً، ويستثير هذا الأداء الحماسى الهادر من عبدالحليم حافظ!

السخرة تحرك الصخور والأحجار لبناء الأهرامات، وترفع ملايين الأطنان من أديم الأرض لحفر قناة السويس، لكنها لا تخلق الأعمال الفنية الخالدة. وهل سخّر كذلك عبدالناصر أم كلثوم وعبدالوهاب وسائر الفنانين والمطربين؟!

كانت مصر تعيش حلماً وأملاً، وتفيض وطنيةً وثورةً وحماساً. هذا الشعور الوطنى الجارف يذكره كل من عايش هذه الأيام، وهو الذى أطلق لسان الشعراء، وألهب قرائح الموسيقيين، وألهم الأدباء والصحفيين. هذه الروح الوطنية والتطلع للمستقبل الواعد والحلم الكبير خلقا دراما الثورة من غناء ومسرح وأدب وصحافة ورقص شعبى. فلما انكسرت مصر بعد ٦٧، تغيرت نغمة هذه الدراما تغيراً ملحوظاً، مما يعنى أنها كانت تستمد حرارتها من نبض وروح الشارع، وليس من توجيهات وسخرة عبدالناصر، وإلا لسارت على الوتيرة نفسها.

د. يحيى نورالدين طراف).

نيوتن: بالطبع عبدالناصر لم يأتِ بهؤلاء المبدعين ويضعهم فى معتقل ويسخّرهم لينتجوا تلك الأعمال الفنية. هم فعلوا هذا متأثرين بالدراما التى قدمها عبدالناصر. بالمشاعر التى حركها لديهم. سواء عبدالحليم حافظ أو كمال الطويل أو صلاح جاهين أو غيرهم. يمكن أن نقول إن من سخّرهم ليس جمال عبدالناصر، ولكن الدراما التى قدمها. فقد تمكن من تشخيص الظروف، ووضعها فى قالب درامى يؤجج المشاعر. شخّص الرفض الأمريكى، بحيث جعله عدوا واضحا ضد مصر. استطاع أن يوظف الأوضاع الدولية فى تجنيد المشاعر. تلك الدراما تسرّبت حتى إلى روح الأغانى، فمثلا فى حكاية شعب لأحمد شفيق كامل يقول عبدالحليم:

راح على البنك اللى بيساعد ويدى

قاله حاسب قالنا مالكمش عندى

كورس: قلنا إيه

عبدالحليم: كانت الصرخة القوية فى الميدان فى إسكندرية

صرخة أطلقها جمال واحنا أمّمنا القنال

عبدالحليم: ضربة كانت من معلم

كورس: خلى الاستعمار يسلم».

كل هذه كانت دراما تستهدف تحريك المشاعر قبل العقول. دراما أفادت فى أمور. وأضرّت كثيرا فى أمور. نجنى ثمرة الجيد منها. ونتحمل ما أضرتنا به إلى يومنا هذا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف