بالأمس القريب صدر بيان عن وزارة الخارجية عن نجاح مصر في استعادة 354 قطعة أثرية. كانت مهربة. وأعادها الشيخ سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة. بعد أن تم ضبطها ومصادرتها من خلال سلطات إماراتية وترجع لعصور مختلفة من الحضارتين المصرية القديمة والإسلامية. ومنذ أيام وقف وزير الآثار أمام مجلس النواب. ليعلن صراحة عن مفاجأة كبري. ليس عن سرقة أو فقد أو ضياع عدد محدود من القطع الأثرية. بل إن 33 ألف قطعة أثرية تمثل مختلف عصور التاريخ المصري قد اختفت من مخازن الوزارة. والمجلس الأعلي للآثار. بعد أن طلب من مدير المخازن بعمل مراجعة وجرد للمخازن.
الخبران فيهما من أوجه الغرابة الكثير. كما أنهما يحملان أيضاً من التناقض الأكثر. فالآثار الأولي المضبوطة نجح سارقوها في بيعها لثري عربي وتهريبها عبر بوابات الخروج للسفر للخارج والتي تخضع لسلطات الدولة الأمنية والجمركية. حتي تم ضبطها بالخارج. بالطبع هناك تواطؤ من القائمين علي رقابة منافذ الخروج فكيف تم ذلك؟
أما الخبر الثاني وهو اختفاء هذا العدد الضخم من الآثار من مخازن الوزارة فهو الأمَرْ والمحزن أكثر. فرغم شجاعة الوزير الذي اعترف بالواقعة وأن اكتشافها تم في البداية بناء علي تعليمات منه بجرد الموجود من آثار بمخازن الآثار بالوزارة. إلا أن ذلك لا يعفيه أبداً من المسئولية عن وضع نظام سليم لمتابعة إجراءات التخزين وتسجيلها والتفتيش الدوري عليها وحراستها بالموظفين وبواسطة جهات الأمن أيضاً خاصة شرطة السياحة والآثار. كما هو معروف في إجراءات المخازن التي تتم بكافة المصالح والإدارات الحكومية والخاصة أيضاً. فما بالك بآثار يندُر وجود مثيل لمعظمها كما أنها تمثل تراثاً تاريخياً لمصر لا يُقدَّر بثمن.
والأغرب أن يعقِّب الوزير علي ذلك بأن الآثار الموجودة في مخازن الوزارة لا حظر عليها لأنها مسجلة فكيف إذن اختفي أو سُرق هذا العدد الضخم من الآثار التي اعترف بها. وهل تمت محاسبة جميع المسئولين عن ذلك؟ ويبقي الخوف الأكبر علي الآثار التي يتم التنقيب عليها. ولم تخرج أو نعرف عنها شيئاً حتي الآن. ومصر مليئة بها.. وهذه كارثة أخري.
يجب أن يستقيل هذا الوزير فوراً فهو لم يستطع الحفاظ علي ممتلكات الشعب؟ فضلاً عن أننا لم نر له أي نشاط عادي أو غير عادي علي طريق الترويج عالمياً لكنوز مصر من الآثار دعائياً أو باقامة معارض خارجية لبعضها. حتي تكون عنصراً مهماً لزيادة عدد السياح لمصر وما يقوم عليها من صناعات ونشاطات تبعية من شأنها أن تحسِّن موارد الدولة وتنقذ العاملين بقطاع السياحة الذي هو للأسف شبه متعطل.