يخطئ مَن يتصور أن حرباً واحدة تقف مصر علي جبهتها الآن. وهي تلك التي تخوضها مع الارهاب.. الجبهات عديدة. وكلها "تفتح النار" منذ زمن علي بلد هو قلب الأمة العربية. ونبض الثقافة العربية. وسقوطه "شهادة الوفاة" الرسمية لمنطقة بأكملها.
واذا كانت مصر أفلتت من مخطط محبوك. يبدو أنه تم الاعداد له علي مهل. بينما لضعف مناعة مؤسساتها تصدعت دول شقيقة. صار عاليها سافلها. بفعل موجة عاتية من الثورات. كانت في حقيقتها مؤامرات.. فالخطأ الذي يرقي في ظني الي حد الخطيئة أن تظن الدولة أنها وصلت الي "بر الأمان". فيما عدا معركة أخيرة مع الارهاب. وأخري نحو التنمية.. الحرب الأخطر. تهدد الآن بناء المجتمع. وتُصوِّب بعنف نحو هويته. وموروثاته الثقافية. ومنظومته القيمية.
ما يجري الآن علي الساحة الفنية من تدمير ممنهج للأخلاق. وهدم سلس. وبطيء لتعاليم الدين. وما وقر منه في الذهنية العامة من مفاهيم صحيحة. وثوابت صحية. هو أمر جد خطير. والتغافل عنه. أو ربما عدم امعان النظر اليه بعين الاهتمام أكبر جريمة في حق أجيال بأكملها. قد تتوجه كل جهود التنمية لتأمين مستقبلهم. بينما يغيب عنا تأمينهم هم أنفسهم. پپپپپپ
لست أتعاطف بحال مع كل الكلام الفارغ من عينة الحرية المطلقة في الفن. والابداع. وأن الرقابة مصادرة علي الفكر.. ما أعرفه. أن الحرية يكبح جماحها المسئولية الاجتماعية. وأن الابداع حدوده قيم المجتمع. وأن الرقابة ليست "مقصاً" يُرهب المفكرين. ويحول دون ابداع المبدعين. وانما هي "فلتر" ينقي ما يصب في الوعي العام من الشوائب.
ربما كنت أخشي علي المصريين. علي مدار أكثر من عشر سنوات مضت. من نتيجة أن يتولي تشكيل وجدانهم علي شاشة السينما "جزار" سلخ. من حيث يدري أو لا يدري. الشخصية المصرية عن أصلها.. لم أكن أتصور أن الأخطر كان لا يزال بانتظار المجتمع. الذي لم يخضع فقط الي عملية تجهيل. وانما حل الدور علي دينه. وأخلاقه. بمواربة السينما. ومن بعدها الدراما التليفزيونية ليتسلل الينا عبرهما نمط حياة الغرب. وثقافة الغرب. وانحلال الغرب. بدعوي الحرية. والابداع. وتحت ستار المدنية. والتحرر.
سؤال أتوجه به الي القائمين علي أمر القناة التي تعرض حالياً مسلسل اسمه "سابع جار". ومن قبلهم الي الذين مرَّ عليهم "مرور الكرام" وأجازوا عرضه. ودخوله الي البيوت. بضمير مرتاح: ألم تتنبهوا الي ما يبثه هذا العمل الدرامي الردئ من أفكار "ملغمة" يجري زرعها في عقول أولادنا وبناتنا. وأغلب الظن يُراد منها أن تنفجر فيما تبقي من أخلاقهم. وفطرتهم السليمة؟!
منذ متي. يا سادة. يا كرام. تعتذر فتاة مصرية لزوجها "ليلة الدخلة" لأنها لم تخبره بكونها مازالت عذراء. وأنه كان من حقه أن يعرف منها أنه أول رجل يلمسها ؟!.. منذ متي كان عادياً أن تقيم البنت المصرية مع صديقها علاقة غير شرعية. اسمها "زنا". ولا يؤرقها سوي أنها لا تري مستقبلاً لعلاقتهما؟!.. منذ متي كان من الطبيعي أن تزور البناتپ پالشباب في شققهم. ويغلق عليهم "باب واحد"؟!.. منذ متي كانت "البيرة". والمخدرات مشهداً متكرراً يؤدي رسالة. ويخدم السياق الدرامي؟!.. منذ متي تسأل الفتاة المصرية. "دار الافتاء". عن الزواج "المؤقت". الذي ينتهي بالاخصاب. والانجاب. و"خانة للأب". في شهادة الميلاد؟!.
هذا المقال عن "عينة" من الدراما المصرية. الآن.. وهو بلاغ الي "الضمير العام". والي مَن يهمه الأمر.. اما أدركنا معاً ما يمكن ادراكه.. أو أدركت أنا ثواب "الأذان في مالطا"؟