125 عاماً على صدور مجلة الهلال أول مجلة ثقافية رصينة تصدر فى مصر، تعنى بشئون الأدب والثقافة والعلم والحياة، تعمل منذ أول صدورها الذى لم ينقطع حتى الآن مرة واحدة على تعليم المرأة، لأن المرأة والفتاة تشكل أكثر من نصف المجتمع، تربى الأجيال وتعمل فى العنابر والمعامل والمكاتب ومختلف مجالات الحياة تماماً مثل الرجل، كما كان لمجلة الهلال دور مهم فى الدعوة إلى إنشاء الجامعة الأهلية أول جامعة فى مصر، تطور دورها واسمها إلى جامعة فؤاد الأول ثم جامعة القاهرة التى كان لها فضل إعداد أول أجيال النخبة المصرية من كوادر المهنيين من الأطباء والمحامين والمهندسين على اختلاف تخصصاتهم والعلماء والأدباء والمفكرين الذين حملوا عبء النهضة المصريه وكان منهم رموز ضخمة جاوزت فى هذا العهد المبكر نطاق المحلية إلى العالمية. ملكت دار الهلال على طول تاريخها القدرة المستمرة على تطوير إبداعاتها، ومن تحت معطف مجلة الهلال خرجت إصداراتها المصورة المتنوعة ابتداء من ميكى وسمير أولى مجلات الأطفال إلى حواء أول مجلة نسائية قادت حملة تقدم المرأة المصرية بكتابات أمينة السعيد الشجاعة التى هدمت حصوناً للتخلف، إلى الكواكب أول مجلة فنية فى مصر تؤرخ لتاريخ السينما والمسرح وتتابع هذه الأجيال الرائعة التى أسعدت مصر طويلاً، ابتداء من سيد درويش وألمظ إلى كوكب الشرق أم كلثوم الذى وحد صوتها العالم العربى فى أول خميس من كل شهر، إلى الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب فى علاقته الفريدة مع أمير الشعراء أحمد شوقى، وحولهما نخبة عظيمة من نجوم الغناء، إلى مجلة المصور أول مجلة مصرية يتجاوز توزيعها مائتى ألف نسخة بصرحها الشامخ فكرى أباظة نجم البرلمان المصرى على طول تاريخه، تراث وتاريخ عريق لايزال ينبض بالحياة، يغلب عليه الرصانة الحرفية والابتكار والتطوير المستمر وأدب الحوار وحسن التخاطب دون إسفاف، والتعامل الجاد مع مشكلات مصر والالتزام بالحقائق دون تهوين، مع نجوم زاهرة أبدعت تاريخ دار الهلال جورجى زيدان وفكرى أباظة أمير الفكاهة وأمينة السعيد صوت المرأة المصرية الحر وصالح جودت أمير الأغنية المصرية وأحمد بهاء الدين درة كتاب مصر وكمال النجمى مؤرخ الغناء وصبرى أبو المجد أستاذ الأجيال ومصطفى نبيل آخر سلالة المجد الذين رحلوا عن عالمنا وآخرين كثيرين شيدوا هذا التاريخ المجيد .
شرفت برئاسة مجلس إدارة دار الهلال لأكثر من 27 عاما هى نصف عمرى فى مهنة الصحافة عندما غادرت نصف عمرى الأول الأهرام وكنت مديرا لتحريره لسنوات طويلة، أتقاسم هذا المنصب المهم مع الصديق الرائع صلاح منتصر، بقيت فى دار الهلال، التى كانت قد تقادمت، مهمتى الأولى تجديد الدار وتحديثها ابتداء من هيئات تحرير المجلات إلى ماكينات الطباعة إلى مجلات الدار وكتبها التى تطورت شكلا وموضوعا، وكنت على يقين من أن دار الهلال لا تحتاج أكثر من أن نجلو معدنها لتبرق ذهبا، وربما كنت قاسياً بعض الشىء فى تربية هذه الأجيال الجديدة لكنهم صنعوا مدرسة جديدة فى الصحافة المصرية هى فخارى الأول والأخير، لأنهم تعلموا ثقافة الحوار والمواجهة وتمكنوا منذ فترة مبكرة من حق النقد والاختلاف والاعتراض، وأن يكون رئيس تحريرهم هو ظهيرهم الذى يحمى مناخ العمل من تعسف السلطة ورؤساء العمل، وخلال هذه السنوات تم تجديد كل مسمار فى الدار من دخل الدار وكان يساعدنى فى تحرير المصور فوميل لبيب رحمه الله، والزميل الصحفى النابه عبد القادر شهيب والأديب يوسف القعيد والإقتصادى ماجد عطية والفنان البارع محمد أبو طالب صاحب الأغلفة الذهبية، وتحولت المصور فى غير زمن لتصبح نقطة جذب للطيور المهاجرة محمود السعدنى وأحمد عبد المعطى حجازى، وانضم لهيئة كتابها ردحاً من الزمن توفيق الحكيم ولويس عوض والقانونى البارع رجائى عطية وأستاذ التشريع النابه نور فرحات، وأنضم إلينا السفير حسين أمين يدك جماعات الإرهاب بمدفعية ثقيلة من حقائق التاريخ والواقع، وكان يتوج المصور مقالات حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومى بعد اعتزاله، وعلى امتداد أعوام طويلة كانت المصور تطبع ليلتين لتفى باحتياجات التوزيع، وكذلك كانت مجلة الهلال فى عهدى رجاء النقاش ومصطفى نبيل، والكواكب فى عهد رئيسى تحريرها حسن شاه ومحمود سعد، ولا يزال أرشيف دار الهلال واحدا من كنوز مصر الزاخرة الذى جرى الحفاظ عليه من العبث يشكل أكمل أرشيف للصورة فى مصر منذ أن أصبحت الصورة عنصرا مهما من عناصر التاريخ، يحوى تاريخ الحكم بالصور منذ محمد على حتى عصرنا الراهن، كما يحوى تاريخ عمران وجميع أحداث مصر فى أرشيف بالغ الأهمية يحوى عجباً أول سيارة وأول ترام وأول قطار للسكك الحديدية فى مصر، يكتشف كنوزه الآن الزميل عادل سعد فى جهد يحوى 6 مجلدات فاخرة . عمر مديد لدار الهلال وجيل جديد من أبناء دار الهلال يتولى المسئولية كنا نحتفل معا قبل يومين بمرور 125 عاما على هذه الدار العريقة