الأخبار
محمد السيد عيد
الوصل والفصل - الشيعة في شرق الوطن العربي
إذا أردنا أن نفهم الصراع الدائر في العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج واليمن فلا بد أن نضع في اعتبارنا الخلاف الشيعي السني الموجود في هذه البلاد. ورغم أننا نري أن الصراع في الأصل سياسي لاديني، إلا أننا سنحاول أن نلقي الضوء علي البعد العقائدي فيه، ونتعرف علي فرق الشيعة وعقائدها هناك لأهميته.
الفرقة الشيعية الأولي هي الإثني عشرية، وهي أكبر الفرق عدداً، وتسمي أيضاً بالجعفرية، وتوجد في العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج. والزعامة الروحية لهذه الفرقة في قُم بإيران، ولذلك فإن ولاء الشيعة الإثني عشرية لإيران غير خفي، بل إن السنة في العراق يتهمون المالكي بأنه ينتمي لإيران. وقد عبر الشاعر أحمد مطر عن ذلك في قصيدة بعنوان : في هجاء المالكي، جاء فيها علي لسان المالكي : فأنا أقتل جُل الشعب / باسم المرجعية.. وأنا أسرق قوت الشعب / باسم المرجعية. والمقصود بالمرجعية هنا هم رجال الدين الشيعة. ويقول في موضع آخر : وزرعت الأرض في بغداد من حولي كلاباً فارسية... فأنا المعتدل الحاكم باسم العلوية... ليس ذنبي أنكم حين ولدتم / لم تكونوا جعفرية.
البعد الشيعي / السني إذن غير خفي في الصراع في أكبر دولة في شرق الوطن العربي، لذلك فلابد من معرفة عقائد الشيعة الإثني عشرية.
يؤمن الإثنا عشرية بإثني عشر إماماً، يبدأون بعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وينتهون بمحمد بن الحسن. وتري هذه الفرقة أن علياً كان الأحق بالخلافة بعد النبي، وأن أبابكر وعمر غاصبان لحقه، ويكفرونهما، كما يكفرون عائشة التي قادت حرب الجمل ضد علي.
يرون أيضاً أن الإمامة أصل من أصول الدين، ولايصح أن تُترك الدنيا بلا إمام، ويعتبرون الإمامة امتداداً للنبوة ومن ينكرها فقد كفر. يقول المجلسي، وهو أحد كبار علمائهم » اتفقت الإمامية علي أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله له من فرض الطاعة فهو كافر »‬. كما يرون أن أهل البيت هم الضمان لعدم ضلال المسلمين، ويدللون علي ذلك بحديث يقول : تركت فيكم ماإن تمسكتم به بعدي لن تضلوا أبداً : كتاب الله وعترتي ؛ أهل بيتي. لكن أهل السنة يروون الحديث علي النحو التالي : تركت فيكم ماإن تمسكتم به بعدي لن تضلوا أبداً، كتاب الله وسنتي. ويشترط الإثنا عشرية في الإمام أن يكون قرشياً، وأن يأتي بالنص والتعيين، أي لابد أن ينص الإمام الحالي علي من يخلفه. ويعتبرون النص والتعيين اختياراً إلهياً. كما يرون أن النبي صلي الله عليه وسلم نص علي عليّ في قوله : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. والإمام عندهم معصوم من الخطأ، مع أن النبي نفسه لم يكن معصوماً إلا فيما يتعلق بأمور الوحي، وقال : أنتم أعلم بأمور دنياكم. كما أن الأئمة عندهم يتمتعون بالعلم اللدني، أي العلم الإلهي، وهم خالدون. يروي الحسن العسكري، الإمام الحادي عشر، حديثاً منسوباً للنبي () يقول فيه : أيها الناس خذوها من خاتم النبيين : إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلي من بلي منا وليس ببالٍ.
وترتبط عقيدتهم بفكرة المهدي المنتظر، الذي يغيب عن دنيانا ثم يعود في آخر الزمان ليملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. ومن عقائدهم التقية، ومعناها أن يظهر الإنسان غير مايبطن إن كان يخشي علي نفسه من الهلاك. أي أن معظم أفكارهم تتعلق بالإمامة، أي بمن يتولي حكم المسلمين.
هذه عقائد فرقة واحدة من فرق الشيعة التي تشارك الآن في الصراع في الشرق العربي. وسنواصل الحديث عن بقية الفرق في الأسبوع القادم إن شاء الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف