الأخبار
نوال مصطفى
حبر علي ورق - ترامب المأسوف علي قراره
تقلصت ملامح وجه "نيكي هايلي" واحتدت نبرة صوتها وهي تعلن "إن التصويت في مجلس الأمن علي مشروع قرار يدين القرار الأمريكي هو إهانة لن ننساها". هذا ما قالته المندوبة الأمريكية لدي مجلس الأمن في الجلسة التي خصصها المجلس للتصويت علي مشروع القرار الذي قدمته مصر لمجلس الأمن الدولي يدعو إلي سحب قرار الرئيس دونالد ترامب الذي نص علي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ربما كان الإجماع من الدول الأعضاء في مجلس الأمن علي التصويت لمشروع القرار المصري بالموافقة صادما "لنيكي" وهذا أمر غريب فعلا في ذهنية الإدارة الأمريكية الحالية، التي تفكر خارج المجرة، وتخترع قرارات عبثية من شأنها نسف الاتفاقات الدولية، وإجهاض أي فرصة للتسوية السلمية من خلال مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أحسنت مصر عندما لعبت الدور المنتظر منها بحكمة وذكاء، والنتيجة التي تحققت حتي الآن مرضية جدا. يكفي أن تصوت 14 دولة لصالح مشروع القرار المصري فيما يعد انتصارا رائعا لتلك الجبهة في مواجهة هزيمة مؤكدة للجبهة الأخري التي تمثلها الولايات المتحدة منفردة. لقد جسدت تصريحات مندوبي الدول المختلفة لدي الأمم المتحدة خيبة الأمل من جراء القرار غير العقلاني الذي أصدره الرئيس الأمريكي ترامب دون دراسة أو تقدير لتبعاته وأهمها نسف عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، وإهدار كل الجهود المبذولة علي مدي سنوات طويلة، للوصول إلي حل يحقق السلام الشامل والعادل بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
ويعكس استخدام الفيتو بشكل منفرد من سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية »نيكي هايلي»‬ العزلة الدولية التي تواجهها واشنطن فيما يتعلق بنقل سفارتها من تل أبيب إلي القدس، وهو ما يعني فعلياً تجاهل حقوق الفلسطينيين في القدس، رغم أن مشروع القرار المصري لم يتضمن ذكر الولايات المتحدة أو ترامب بالاسم وإنما اكتفي بعبارة :"أننا نشعر بالأسف الشديد تجاه القرارات الأخيرة بشأن القدس.. والذي يجب أن يتقرر عبر التفاوض"، إلا أن السفيرة الأمريكية اعتبرت ما جاء في المشروع المصري إهانة وصفعة للولايات المتحدة الأمريكية.
ربما استفزتها تلك الجمل التي جاءت في مشروع القرار :"أن أي قرار أو عمل يمكن أن يغير من طابع أو وضع التركيبة الديموغرافية للقدس ليس له قوة قانونية، وهو باطل وكأنه لم يكن، ولابد من إلغائه". كذلك دعوة الدول الأعضاء إلي الامتناع عن نقل بعثاتها الديبلوماسية إلي القدس.
جاء رد الرئاسة الفلسطينية غاضباً فوصف نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية استخدام الفيتو ضد مشروع القرار بشأن القدس، بأنه »‬استهتار» بالمجتمع الدولي. وأضاف أن هذه الخطوة الأمريكية سلبية، وفيها تحد لدول العالم وستسهم في تعزيز الفوضي والتطرف بدل الأمن. أما علي الجانب الآخر فكانت السعادة تطفو فوق حروف وكلمات نتنياهو المبتهجة بكل ما يحدث. فقد وجه الشكر إلي المندوبة الأمريكية لاستخدامها حق الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ولم يستطع نتنياهو أن يخفي فرحته فكتب تغريدة في حسابه علي تويتر :»‬شكراً للسفيرة هايلي، لقد انتصرت الحقيقة علي الأكاذيب، شكراً للرئيس ترامب". أما في الولايات المتحدة فقد أعلن البيت الأبيض تأجيل زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس إلي منطقة الشرق الأوسط التي كان من المقرر أن يقوم بها هذا الأسبوع. ردود الفعل الفلسطينية تؤكد عزم السلطة الفلسطينية علي المضي في التحرك الديبلوماسي عبر الدعوة لاجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف هذا القرار الجائر، فهل يتمكن أعضاء الجمعية العامة من محاصرة ترامب وقراره أم أن اللعبة السياسية أعقد كثيراً مما يبدو علي السطح، وأنه في الأغلب سوف تمارس الولايات المتحدة سياسة العصا والجزرة في الترهيب بقطع المساعدات أو الترغيب بزيادتها لشراء أصوات الدول الأعضاء. والسؤال الأهم إلي متي ستظل الولايات المتحدة تؤدي دور البلطجي الذي يحمي إسرائيل ويعطيها الغطاء لكل جرائمها؟!.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف